- رسائل فقهى (1)
- علّامه سید محمّدباقر موسوى شفتى (1260 هـ .ق)
- تحقیق: سید مهدى شفتى
فقیه متبحّر عالم ربّانى مرحوم آیة اللّه العظمى سید محمّدباقر موسوى شفتى معروف به «حجّة الاسلام» از زعماى بزرگ و اساطین علمى شیعه است كه سالهاى سال شهر اصفهان از بركات وجودى او بهرهمند بوده است.
زعامت دینى و اجراى حدود الهى، بذل و سخاوت حیرتآور، تألیف اثر پربار و كمنظیر «مطالع الأنوار» و دهها كتاب و رساله فقهى، رجالى، حدیثى و… و تربیت شاگردان فراوان، از برجستگىهاى خاصّ او بود.
هرچند اصفهان آن روز به وجود نورانى فرزانگانى همچون علّامه فقیه پرتوان مرحوم آیةاللّه العظمى آقا محمّدعلى نجفى هزار جریبى صاحب اثر بىنظیر «مخزن الأسرار الفقهیة» و آیة اللّه العظمى علّامه شیخ محمّدتقى رازى صاحب حاشیه معالم، و دهها فقیه و عالم برجسته دیگر منوّر بود ولى بار سنگین زعامت دینى بر دوش مرحوم سید حجّة الاسلام و صدّیق مكرّم او مرحوم آیة اللّه العظمى حاج محمّد ابراهیم كلباسى صاحب «اشارات الاصول» و «منهاج الهدایة» قرار داشته است. از این رو سؤالات فراوان فقهى، اعتقادى و… از طرف علما، طلّاب و مقلّدین مرحوم سید در محضر او مطرح گردیده كه وى با تبحّر و روشنبینى خاصّ خود آنها را پاسخ گفته است.
مجموعه «سؤال و جواب» كه جلد اوّل آن در زمان حیات سید (سال 1247 ق) به چاپ سربى رسیده مشتمل بر رسائل متعدّدى در موضوعات مختلف است كه ارزش آن مجموعه را دو چندان نموده، و با توجّه به این كه جلد دوّم آن هنوز به چاپ نرسیده برخى از رسائل آن كه توسّط سبط مؤلّف، روحانى فاضل و محبوب جناب آقاى سید مهدى شفتى ـ وفقّه اللّه تعالى ـ تصحیح شده بود در این مجموعه به چاپ رسیده، و به یارى خداوند متعال جلد اوّل «مطالع الأنوار» و «سؤال و جواب» نیز به زودى به دست چاپ سپرده خواهد شد.
گفتنى است كه شرح حال مؤلّف بزرگوار در كتاب بیان المفاخر به قلم مرحوم سید مصلحالدین مهدوى نگاشته شده و در دو جلد به چاپ رسیده، و كتاب «المآثر الباقریه» شامل شرح حال و شعر شعراى مادح سید حجّةالاسلام كه توسط مرحوم سید محمّدعلى وفاى زوارهاى تدوین شده نیز در دست چاپ است.
و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرین
بسم الله الرحمن الرحیم
سؤال: شخصى زوجه خود را مطلّقه نموده به طلاق رجعى، بعد از آن حقّ الرجوع خود را صلح نموده به آن ضعیفه به نفقه ایام عدّه، بعد از آن در اثناى عدّه رجوع نموده، بعد از انقضاى عدّه، آن ضعیفه به دیگرى شوهر نموده؛ حال، این ضعیفه زوجه ثانى است یا اوّل؟
جواب: تنقیح البحث فی جواب هذا السؤال یستدعی رسم مقدّمات:
الاُولى: فی توضیح الحال فی قوله علیهالسلام: ألصلح جائز بین المسلمین إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً.
نقول: هذا الحدیث على هذا النحو غیر مروی من طرقنا و إنّما هو من طرق العامّة. ]المستدرك للحاكم النیشابوری 4: 101؛ السنن الكبرى للبیهقى 6: 65[
قال فی التذكرة: و من طرق العامّة عن أبیهریرة: إنّ النبی صلی الله علیه و آله قال: الصلح جائز بین المسلمین إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً. ] تذكرة الفقهاء :2 177 نشر المكتبة المرتضویة[.
والمقصود أنّ الحدیث المذكور مع هذا الذیل غیر مروی من طرقنا، و أمّا بدونه فمروی عن أئمّتنا، ففی الكافی و التهذیب فی الصحیح عن حفص ابن البختری عن أبی عبداللّه علیهالسلام قال: الصلح جائز بین الناس. ] الكافی 5: 259، ح 5[.
و أعرض علیهالسلام عن الذیل المذكور، و لعلّ وجهه هو أنّ كلّ صلحٍ یوجب تحلیل الحرام و تحریم الحلال، لوضوح أنّه یوجب انتقال المصالح عنه من المصالح إلى المصالح له، و انتقال المصالح به من المصالح له الى المصالح، و تصرّف المصالح فی المصالح عنه كان قبل الصلح حلالاً و حرم بعدها، كما كان تصرّف المصالح له فیه حراماً قبله بخلافه بعده، و كلّ ذلك إنّما هو للصلح، و هكذا الحال فی المصالح به لكن بعكس ما ذكر، فقد أحلّ الصلح ما كان حراماً كما أنّه حرّم ما كان حلالاً، فعلى هذا یلزم من مشروعیة الصلح انتفاؤها، و لعلّه الوجه فی إعراضه علیهالسلام عن الذیل المذكور كما مرّ ولكنّ الظاهر من الأصحاب أنّهم تلقّوة بالقبول، و أورده شیخنا الصدوق فی الفقیه فی باب الصلح، قال: قال رسولاللّه صلی الله علیه و آله: البینة: على المدّعى و الیمین على المدّعى علیه، و الصلح جایز بین المسلمین إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً. ]من لا یحضره الفقیه 3: 32، ح 3267[.
و یمكن أن یقال فى معناه: إنّ المراد منه التنبیه على التعمیم فی متعلّق الصلح بأن یكون معناه: كلّ صلحٍ جائز أی یلزم العمل بمقتضاه إلّا الصلح الّذی أوقعه المصالح فی مقام تحلیل ما دلّ الدلیل على تحریمه على سبیل الدوام، كالصلح من الزوج مثلاً عن الاستمتاع بالزوجة لغیره، فإنّ الدلیل قائم على حرمة ذلك؛ و كالصلح عن مالٍ مع مالكه فیما إذا كان مقداره مجهولاً للمالك بحیث لو علم به لم یرض بالصلح.
أو الصلح الّذی أوقعه المصالح فی مقام تحریم ما دلّ الدلیل على عدم إمكان تحریمه كالصلح لزوجته على أن لا یستمتع منها، فإنّه مسلّط على الاستمتاع منها بالجماع والملامسة والقبلة و الملاعبة و غیرها، و یصالح معها على أن لا ینتفع منها بمعنى أن یحرم علیه الانتفاع منها، و مقتضى قوله علیهالسلام: أو «حرّم حلالاً» عدم إمكانه.
إن قیل: كیف یمكن الحكم بعدم إمكانه و عدم جوازها مع أنّه ثابت فی الشریعة كالصلح عن حقّ القسم؟
قلنا: إنّ الصلح هناك إنّما هو لإسقاط الوجوب لا لإسقاط الجواز و إثبات التحریم، و لهذا یجوز له الإقدام بمقتضى القسم مع تحقّق المصالحه فی إسقاطه كما لا یخفى.
و الثانیة : فی أنّ الحقّ الّذی للزوج على المرأة من التسلّط على الانتفاع ببضعها و المضاجعة معها و قبلتها و لمسها و الملاعبة معها و غیرها هل یمكن إسقاطها بصلحٍ و غیره أم لا؟
فیه تفصیل بین الزوجة الدائمة والمتمتّع بها، ففی الاُولى لا یمكن ذلك، بمعنى أنّ الزوجة یكون باقیة على وصف الزوجیة الدائمة و مع ذلك لا یمكن للزوج إسقاط الاُمور المذكورة له علیها حتّى یحرم علیه قبلتها و ملامستها والنظر إلیها و هكذا. و أمّا فی الثانیة فیمكن له ذلك.
أمّا عدم الإمكان فی الأوّل، فلوضوح أنّ وصف الزوجیة ملزوم للاُمور المذكورة، و تخلّف الملزوم عن اللازم من الاُمور المستحیلة، فلا یمكن للزوج إسقاط الاُمور المذكورة عن زوجتها بمعنى أن یكون وصف الزوجیة باقٍ و یحرم علیه الاُمور المذكورة.
و أمّا الجواز فی الثانیة، فلأنّه مدلول علیه بجملةٍ من النصوص المعتبرة، كالصحیح المروی فی الفقیه عن علی بن ریاب، قال: كتبت إلیه أسأله عن رجلٍ تمتّع بامرأة ثمّ وهب لها أیامها قبل أن یفضی إلیها أو وهب لها أیامها بعد أن یفضى إلیها هل له أن یرجع فیما وهب لها من ذلك؟
فوقع علیهالسلام: لا یرجع. ]من لا یحضره الفقیه 3: 460، ح 4590[.
و ما رواه فی الكافی بأسانید متعدّدة، عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبی عبداللّه علیهالسلام: جعلت فداك، الرجل یتزوّج المرأة متعة، فیتزوّجها على شهرٍ ثمّ إنّها تقع فی قلبه فیحبّ أن یكون شرطه أكثر من شهر، فهل یجوز أن یزیدها فی أجرها و یزداد فی الأیام قبل أن تنقضى أیامه الّتی شرط علیها؟
فقال: لا، لا یجوز شرطان فی شرطٍ،
قلت: فكیف یصنع؟
قال: یتصدّق علیها بما بقی من الأیام ثمّ یستأنف شرطاً جدیداً. ]الكافى 5: 458، ح 2[.
و حمل التصدّق فیه على الهبة، و لا معنى لهبة الأیام الباقیة، بل المراد هبة ما استحقّه منها بالعقد من منفعة البضع و الملاعبة و غیرهما فی بقیة الأیام؛ و هذا المطلب هو ما اطبقت علیه كلمات الأصحاب.
قال فی التهذیب:
و متى أراد الرجل أن یزید فى المدّة قبل انقضاء الأجل فلیس له ذلك إلّا أن یهب لها ما بقی له من الأیام. ]تهذیب الاحكام 7: 268[.
ثمّ استدلّ علیه بالحدیث المذكور.
و فی النهایة:
و إذا انقضى أجل المتعة جاز له أن یعقد علیها عقداً مستأنفاً فی الحال، فإن أراد أن یزیدها فی الاجل قبل انقضاء أجلها، لم یكن له ذلك، فإن أراده فلیهب لها ما بقی علیها من الأیام، ثمّ لیعقد علیها على ما شاء من الأیام. ]النهایة: 492 طبع دارالكتاب العربی، بیروت، 1390 هـ .ق[.
فنقول: لا شبهة فی أنّ دایرة الصلح أوسع من دایرة الهبة، فإذا أمكن إسقاط التسلّط الّذی للزوج على الزوجة المتمتّع بها و سلب الاستحقاق فیها بالهبة فجوازه بالصلح بطریقٍ أولى كما لا یخفى.
و السرّ فی المقامین هو أنّ العقد بین المتعاقدین أوجب العلاقة بینهما فی كلٍّ من الدوام و الانقطاع المقتضیة لتسلّطه على الانتفاع ببضعها و قبلتها و ملامستها و غیرها، و قد نطقت الشریعة بانحصار المزیل لتلك العلاقة فی الدوام فی الطلاق، بخلافه فى الانقطاع، بل اقتضت بأنّ المزیل لها فیه غیره.
والثالثة : أنّ الطلاق من الأسباب الشرعیة لإزالة الزوجیة الّتی أوجبها العقد، فالطلاق المستجمع للشرایط أوجب خروج الزوجة عن الزوجیة، فلا تكون الزوجة المطلّقة بعد الطلاق زوجة حقیقةً، و جواز الرجوع فی بعض المواضع إلى أجلٍ لا یوجب بقاء الزوجیة حقیقةً، والحاصل أنّه لا فرق فی صیغة الطلاق بین كون المطلّقة غیر مدخولٍ بها و یائسة و غیرهما، فكما أنّها فی الأوّلین یوجب خروج الزوجة فلیكن الأمر فی المدخول بها الّتی لم یكن یائسة كذلك.
غایة ما فی الباب أنّ الشرع أباح للزوج و سلّطه على الرجوع فی العدّة فی بعض المواضع، و ذلك لا یوجب كون الزوجة المطلّقة قبل الرجوع زوجة حقیقةً، و هو ظاهر.
و الدلیل ـ مع ظهور الحال ـ قوله تعالى: (وَ بُعُولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) لوضوح أنّ المراد الردّ إلى الزوجیة، و ظاهر أنّ الردّ إلى الشیء لا یكون إلّا مع الخروج عنه.
و الصحیح المروی فی الكافی عن أبی بصیر عن أبی عبداللّه علیهالسلام قال: سألته عن طلاق السنّة؟
فقال: طلاق السنّة إذا أراد أن یطلّق (الرجل) امرأته یدعها إن كان قد دخل بها حتّى تحیض، ثمّ تطهّر، فإذا طهرت طلّقها واحدة بشهادة شاهدین، ثمّ یتركها حتّى تعتدّ ثلاثة قروء، فإذا مضت ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدةٍ، و كان زوجها خاطباً من الخُطّاب، إن شاءت تزوّجته، و إن شاءت لم تفعل.
فإن تزوّجها بمهرٍ جدید كانت عنده على اثنتین باقیتین و قد مضت الواحدة. فإن هو طلّقها واحدةً اُخرى على طهرٍ من غیر جماعٍ بشهادة شاهدین ثمّ تركها حتّى تمضى أقراؤها، فإذا مضت أقراؤها من قبل أن یراجعها فقد بانت منه باثنتین، و ملكت أمرها و حلّت للأزواج، و كان زوجها خاطباً من الخُطّابٍ، إن شاءت تزوّجته، و إن شاءت لم تفعل.
فإن هو تزوّجها تزویجاً جدیداً بمهرٍ جدید كانت معه بواحدةٍ باقیة و قد مضت اثنتان، فإن أراد أن یطلّقها طلاقاً لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غیره تركها إذا حاضت و طهرت أشهد على طلاقها تطلیقةً واحدة، ثمّ لا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غیره إلى أن قال: لأنّه إذا كانت امرأة مطلّقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتّى یراجعها، فإذا راجعها صارت فی ملكه ما لم یطلّق التطلیقة الثالثة، الحدیث. ]الكافى 6: 66 ح 4[.
فقوله علیهالسلام: «كانت خارجة من ملكه» صریح فی خروج الزوجه بمحض الطلاق عن الزوجیة، فهو قرینة على أنّ تعلیق البینونة بمضی ثلاثة قروء باعتبار جواز رجوع فیها.
و یدلّ علیه أیضاً الصحیح المروی فی التهذیب عن برید بن معاویة قال: سألت أباعبداللّه علیهالسلام عن المفقود كیف یصنع بامرأته؟ إلى أن قال علیهالسلام: قیل للمولى أنفق علیها، فإن فعل فلا سبیل أن تتزوّج ما أنفق علیها، فإن أبى أن ینفق علیها اُجبر الولی على أن یطلّق تطلیقه فی استقبال العدّة و هی طاهرة، فیصیر طلاق الولی طلاق الزوج، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضی عدّتها من یومٍ طلّقها الولی فبدا له أن یراجعها فهی امرأته، و هی عنده على تطلیقتین، و ان انقضت العدّة قبل أن یجی أو یراجع، فقد حلّت للأزواج و لا سبیل للأوّل علیها. ]تهذیب الأحكام 7: 479، ح 1922[.
وجه الدلالة: أنّ المفهوم من قوله علیهالسلام: «فبدا له أن یراجعها فهی امرأته» أنّه إن لم یرد أن یراجعها لیست هی امرأته و لو مع بقاء العدّة، فلا یكون ذلك إلّا باعتبار الخروج عن الزوجیة بالطلاق؛ و هی المطلوب، فإذا كان الحال فی طلاق الولی كذلك فما ظنّك بطلاق نفسه؟
و الحاصل أنّ الزوجة المطلّقة بمحض الطلاق خرجت عن الزوجیة، و لهذا لم یجز للزوج مواقعتها مع عدم قصد الرجوع، سواء نوى عدم الرجوع أم لا، و لم یبق لها حقّ القسم. نعم، دلّ الشرع على تسلّطه على إرجاعها إلى زوجیته فی عدّةٍ معینة، فنقول: إنّه حقّ له من الحقوق، كحقّ الخیار فی مدّة الخیار و غیره، و حقّ الرجوع على المرأة المتمتّع بها فی المدّة المعینة كخمسین سنة مثلاً، بل نقول: إنّ الحق على المرأة المتمتّع بها أقوى من الّذی للزوج على الزوجة المطلّقة فی أیام العدّة، فكما یجوز إسقاطها بالصلح فلیكن الأمر فیما نحن فیه أیضاً كذلك، لعموم قوله علیهالسلام: الصلح جائز بین المسلمین.
و یمكن التمسّك فی المقام بنصوصٍ معتبرة؛
منها: ما رواه ثقةالإسلام فی باب «الشرط فی النكاح و ما یجوز و ما لا یجوز» عن زرارة قال: سئل أبوجعفرٍ علیهالسلام عن النهاریة یشترط علیها عند عقدة النكاح أن یأتیها متى شاء كلّ شهرٍ أو كلّ جمعةٍ یوماً، و من النفقة كذا و كذا.
قال: لیس ذلك الشرط بشیء، و من تزوّج بامرأة فلها ما للمرأة من النفقة والقسمة، و لكنّه إذا تزوّج امرأة فخافت منه نشوزاً أو خافت أن یتزوّج علیها أو یطلّقها فصالحته من حقّها على شیء من نفقتها أو قسمتها فإنّ ذلك جایز لا بأس به. ]الكافى 5: 403، ح 4[.
و هو مروی فی التهذیب أیضاً ]تهذیب الأحكام 7: 372، ح (1505) 68[ و لیس فى سنده مَن یتأمّل فیه إلّا موسى ابن أبی بكر، و هو ابن البكر الواسطی، و حدیثه عندی مقبولة؛ لروایة ابن أبی عمیر و صفوان بن یحیى عنه. و قد قال شیخ الطائفة فی العدّة: إنّهما لا یرویان إلّا عن ثقةٍ، و لأنّ للصدوق طریقاً إلیه، مضافاً إلى ما رواه الكشّی عن موسى بن بكر أنّه قال: قال لی أبوالحسن موسى علیهالسلام: یخف علیك أن نبعثك فی بعض حوائجنا، فقلت: أنا عبدك، فمرنى بِمَ شئت، فوجّهنی فی بعض حوائجه إلى الشام. ]اختیار معرفة الرجال 2: 737، مؤسّسة آل البیت علیهمالسلام[ .
و لاخفاء فی دلالته على المدح، و السند و إن كان منتهیاً إلیه لكنّه غیر منافٍ لاستفادة المدح منه.
قیل فی تفسیر النهاریة: إنّ الرجل یخاف من امرأته فیزوّج امرأة اُخرى سرّاً عنها و یشترط على الثانیة أن لایجیئها إلّا فی النهار.
قوله علیهالسلام: فصالحت من حقّها ـ إلى آخره ـ أی قبلت المصالحة الزوج عند مصالحة الزوج بعض الحقّ الّذی له علیها بالحقّ الّذی لها علیه، فإنّ المفاعلة من الطرفین، فیكون كلمة «من» للتبعیض.
و منها: الصحیح المروی فی باب النشوز من الكافی فی الصحیح عن الحلبی، عن أبی عبداللّه علیهالسلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: (وَ إنْ امراة خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أو إعْراضاً) فقال: هی المرأة تكون عند الرجل، فیكرهها، فیقول لها: إنّی اُرید أن أطلّقك، فتقول: لا تفعل، إنّى أكره أن یشمت بی ولكن انظر فی لیلتی فاصنع بها ما شئت، و ما كان سوى ذلك من شیء فهو لك، و دعنی على حالتی، و هو قوله تبارك و تعالى: (فَلا جُناحَ عَلَیهِما أنْ یصْلَحا بَینَهُما صُلْحاً) و هو هذا الصلح. ]الكافى 6: 145، ح 2، باب النشوز[.
و منها: الموثّق المروی فی الباب، عن علی بن أبیحمزة قال: سألت أباالحسن علیهالسلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: (وَ إن امرأة خافَت مِن بَعْلِها نُشُوزاً أو إعراضاً) فقال: إذا كان كذلك فهمّ بطلاقها، فقالت له: «أمسكنی و أدع لك بعض ما علیك، و أحلّلك من یومی و لیلتی» حلّ له ذلك و لا جناح علیهما . ]الكافى 6: 145، ح 1، باب النشوز[.
رواه فی الفقیه باسناده إلى المفضّل بن صالح، عن زید الشحّام، عن أبی عبداللّه علیهالسلام. ]من لا یحضره الفقیه 3: 520، باب النشوز[.
و منها: الموثّق المروی فی الباب أیضاً عن أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیهالسلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: (وَ إن امرأة خافَت مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أو إعراضاً) قال: هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه، فیرید طلاقها، فتقول له: «إن أمسكنی و لا تطلقنی و أدع لك ما على ظهرك، و أعطیك من مالی، و اُحلّلك من یومى و لیلتى» فقد طاب ذلك له كلّه. ]الكافى 6: 145[.
فنقول: إنّ النصوص المذكورة لمّا كانت منساقة فی تفسیر قوله تعالى: (لا جُناحَ عَلَیها أن یصْلِحا بَینَهُما صُلْحاً) یكون مقتضاها أنّه لو قالت المرأة لزوجها: «صالحتك عمّا علیك من حقوقی» كان مصالحة صحیحة یترتّب علیها سقوط حقوقها عنه مطلقاً و لو كان الوقاع بعد أربعة أشهرٍ، كما لا یخفى.
فكما یجوز ذلك فی حقّ الزوجة ینبغی أن یجوز فی حقّ الزوج أیضاً بأن یقول: صالحتك عمّا علیك من حقوقی، فإذا جاز ذلك قبل الطلاق یجوز بعده فی العدّة الرجعیة، لكون المقتضى مشتركاً بینهما، كما أنّه إذا جاز ذلك فی الحقوق الواجبة ینبغی جوازه فی الحقوق الجائزة، بل بطریقٍ أولى.
تنقیح المقام یستدعى أن یقال: إنّ الحقّ الثابت إمّا واجب أو جائز، و الصلح فی الأوّل یوجب سقوط الوجوب، و لا یلزم منه سقوط الجواز إلّا باعتبار أنّ نسخ الوجوب لا یوجب نسخ الجواز، بل باعتبار قیام مقتضى الجواز.
توضیح الحال فی ذلك یستدعى أن یقال: إنّا قد نبّهنا فیما سلف أنّ الزوجیة لمّا كانت مستلزمة لجواز النظر إلى الزوجة والملاعبة معها و الملامسة و غیرها فلا یمكن انفكاكها مع بقاء الزوجیة، والساقط بالصلح هناك إنّما هو الوجوب، و أمّا الثابت فی العدّة الرجعیة إنّما هو إمكان إرجاع المطلّقة إلى ما كانت علیه من وصف الزوجیة و جوازه و حیث قد سقط بالصلح فلا یبقى له شیء بعد، فلا ینبغى التأمّل فی ذلك.
و بما بیناه اتّضح أنّ ما ذكره شیخنا الشهید ـ نوّر اللّه تعالى روحه السعید ـ حیث قال:
«و لا یشترط فی مورد الصلح أن یكون مالاً، فیصحّ عن القصاص، أمّا عن الحدّ و التعزیر و القسمة بین الزوجات، فلا». ]الدروس الشرعیة 3: 330، نشر مؤسسة النشر الإسلامی[.
فغیر مقرونٍ بالصواب بالإضافة إلى الصلح عن القسم، لما عرفت من كونه مدلولاً علیه بجملةٍ من النصوص المعتبرة المذكورة.
و یدلّ علیه أیضاً ما رواه شیخ الطائفة فی التهذیب باسناده عن محمّد بن أحمد بن یحیى، عن محمّد بن أحمد العلوی، عن العمركی، عن علی بن جعفر، عن أخیه موسى بن جعفر علیهماالسلام قال: سألته عن رجلٍ له امرأتان، قالت إحدیهما: لیلتی و یومی لك یوماً أو شهراً أو ما كان، ایجوز ذلك؟
قال: إذا طابت نفسها و اشترى ذلك منها، فلا بأس. ]تهذیب الأحكام 7: 474، ح 1902 (110) [.
و عدم إرادة الظاهر من قوله علیهالسلام: «و اشترى ذلك منها» ممّا لا خفاء فیه. فالظاهر أنّ المراد منه أنّه یرضیها بعوضٍ، فیشمل ما لو كان بعنوان المصالحة، فمقتضاه جواز الصلح عن القسم مضافاً إلى أنّ عقد الصلح أوسع العقود دایرةً، فجواز الغیر یستدعی جوازه بطریقٍ أولى، و لا عكس، فالمراد من قوله: «اشترى» إمّا خصوص الصلح أو غیره، و على التقدیرین یثبت المرام، فلا ینبغی فیه الارتیاب.
بقی الكلام فی اُمورٍ ینبغی التنبیه علیها:
الأوّل: إنّ المفروض فی المسألة أنّه صالح حقّ الرجوع علیها بما علیه من النفقة فی أیام العدّة لها، و المفروض أنّها ذات حملٍ، فاللازم الجهل فی النفقة، لعدم معلومیة زمان الوضع، فیمكن الوضع بستّة أشهرٍ فصاعداً إلى السنة، مضافاً إلى احتمال السقط فی كلّ حینٍ.
والثانی: إنّ من الاُمور المسلّمة أنّه لا یجوز للزوج العقد على اُخت المطلّقة فی أیام العدّة الرجعیة، فهل الأمر كذلك بعد إسقاط حقّ الرجوع أیضاً أم لا؟
والثالث: هل التوارث بینهما فیما إذا اتّفق الموت فی أیام العدّة ثابت و لو مع عدم إمكان الرجوع أو مختصّ بما أمكن؟
فنقول: أمّا الأوّل، فیمكن الجواب عنه بالنقض والحلّ؛
أمّا الأوّل: فهو أنّا نقول: قد دلّت النصوص المذكورة على جواز الصلح بنفقة الزوجة صریحاً أو عموماً إلى ممات الزوجة، و معلومٌ أنّ زمان الممات غیر معلومٍ، فیحتمل ساعة كما یحتمل سنة و سنتین، و اللازم منه الجهل فی قدر النفقة، و الجهل فیه أكثر من الجهل فی النفقة فی زمان العدّة، فما هو الجواب عن ذلك فهو الجواب عن هذا.
و أمّا الحلّ، فنقول: إنّ الفرق واضح بین الإلزام بالمجهول و إسقاط المجهول، والجهل على فرض الحذر به فی الصلح إنّما یؤاخذ به فی الأوّل دون الثانی.
توضیح الحال فی إبراز المرام یستدعی أن یقال: إذا صالح أحدٌ ذاتَ حملٍ عن شیء بنفقتها فی أیام حملها یمكن المناقشة حینئذٍ فی صحّة المصالحة، للجهل فی المصالح به؛ إذ اللازم حینئذٍ فی ذمّة المصالح هو الشیء المجهول، فیلزم الغرر، فتفسد المصالحة.
و أمّا إذا صالح الزوج مع زوجتها عن الحقّ الثابت له علیها بترك نفقتها أو إسقاط نفقتها اللازمة علیه فلا وجه للقدح فی المصالحة بالجهل فی النفقة؛ لانتفاء المفسدة فیه حینئذٍ أصلاً، كما لا یخفى وجه للمتأمّل.
و أمّا الثانی، فتحقیق الحال فی ذلك یستدعی إیراد ما حضرنی من النصّ فی المسألة، ثمّ الإشارة إلى تحقیق الحال فی ذلك، فنقول:
روى ثقةالإسلام فی الكافی فی الصحیح عن الحلبی، عن أبی عبداللّه علیهالسلام فی رجلٍ طلّق امرأته أو اختلعت أو بانت، أ له أن یتزوّج باُختها؟
قال: فقال: إذا برأ عصمتها و لم یكن له علیها رجعة، فله أن یخطب اُختها. ]الكافی 5: 432، ح 7[.
و فی الصحیح، عن محمّد بن إسماعیل، عن ابن بزیع، عن محمّد بن الفضیل، عن أبی الصباح الكنانی، قال: سألته عن رجلٍ اختلعت منه امرأته، أیحلّ له أن یخطب اُختها قبل أن ینقضی عدتها؟
فقال: إذا برأت عصمتها و لم یكن له رجعة فقد حلّ له أن یخطب اُختها. ]الكافى 5: 431، ح 6[.
فنقول: إنّ جواز خطبة اُخت المطلّقة فیهما معلّق ببرائة عصمة الزوجیة و عدم تمكّن الزوج من الرجعة، و هو أعمّ من أن یكون عدم تمكّنه من الرجعة بالأصالة أو باعتبار العارض؛ و المفروض فیما نحن فیه أنّه غیر متمكّن من الرجعة، لإسقاط حقّه بالمصالحة، فینبغی أن یحكم بجواز تزویج الاُخت حینئذٍ.
و لك أن تقول بمنع العموم بحیث یطمئنّ النفس لشموله لما نحن فیه، إذ المنفی بلم ظاهر فی إفادة النفی فی الماضى، فعلى هذا نقول: إنّ جواز خطبة اُخت المطلّقة معلّق فی الصحیحین بأن لا یكون علیها رجعة أصلاً، و هو منتفٍ فیما نحن فیه، للقطع بثبوت حقّ الرجوع له علیها قبل المصالحة ـ كما هو المفروض ـ و مقتضى تعلیق الحكم على الشرط انتفاؤه عند انتفائه، و مقتضاه الحكم بعدم جواز التزویج و لو بعد المصالحة، كما لا یخفى.
ثمّ على تقدیر الإغماض عن دعوى الظهور نقول: إنّ الاحتمال یكفی فی المقام، للقطع بعدم الجواز قبل المصالحة لكن شکّ فی بقائه بعده، فمقتضى الاستصحاب هو الحكم بالبقاء، كما لا یخفى على اُولى النهى.
والحاصل: أنّ المناط فی عدم جواز العقد على اُخت المطلّقة فی العدّة إمّا عدم إمكان الرجوع حین العقد أو فی الجملة؛ و على الأوّل ینبغی الحكم بالجواز، بخلافه على الثانی. و حیث قد عرفت أنّ مقتضى الصحیحین المذكورین هو الثانی تبین لك أنّ المختار هو الثانی.
و هل النفقة حكمها حكم التزویج بالاُخت، بمعنى أنّه كما لم یختلف حال التزویج بالاُخت فی أیام العدّة قبل المصالحة و بعدها، فالتحریم ثابت فی الحالتین ـ كما علمت ـ كذا لم یختلف الحال فی النفقة فی أیام العدّة لو لم تسقطها بالمصالحة و غیرها، فیجب على الزوج إنفاقها و لو بعد إسقاط حقّ الرجعة أو لا؟ بل وجوب النفقة تابع لإمكان الرجوع، فعند انتفائه لم یجب؟ احتمالان:
وجه الوجوب: هو الاستصحاب، بناءً على أنّ الإنفاق كان ثابتاً فی حقّه و واجباً علیه قبل إسقاط حقّ الرجوع، و مقتضى الاستصحاب بقائه على حاله.
و وجه العدم: الحصر الظاهر ممّا رواه شیخنا الصدوق فی الفقیه باسناده، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبی جعفر علیهالسلام قال: المطلّقة ثلاثاً لیس لها نفقة على زوجها و لا سكنى، إنّما ذلك للّتی لزوجها علیها رجعة. ]من لا یحضره الفقیه 3: 502، ح 4765[.
بناءً على أنّ المستفاد منه أمران:
وجودی، و هو وجوب النفقة على الزوج للزوجة الّتی له علیها رجعة.
و عدمی، و هو عدم وجوبها للّتی انتفى له علیها رجع، و هو أعمّ من أن یكون انتفاء الرجعة فیه بالأصالة كالمطلّقة بالطلاق الباین، أو بالعرض كما فیما نحن فیه؛ و لعلّ الثانی أقوى، و به یقید الإطلاق فی صحیحة زرارة المرویة فی الكافی عن مولانا الباقر علیهالسلام: و علیه نفقتها و السكنى مادامت فی عدّتها. ]الكافى 6: 65، ح 2[.
و أمّا الثالث: أی ثبوت التوارث بینهما فیما إذا اتّفق الممات فی اثناء العدّة و لو مع إسقاط حقّ الرجوع بالمصالحة أو غیرها، فنقول: ثبوته مع بقاء حقّ الرجوع فیما إذا كان الموت فی أثناء العدّة ممّا لا ریب فیه، و لا شكّ یعتریه، كعدمه فیما إذا كان بعد انقضائها، و إنّما الكلام فیما إذا اتّفق الموت بعد إسقاطه فی أثناء العدّة، والّذی یمكن أن یتمسّك به فی إثباته هو الاستصحاب، لكن فیه تأمّل لا یخفى للمتأمّل.
و یمكن الاستدلال لإثبات المرام بصحیحة زرارة لقوله علیهالسلام فیها: «و هما یتوارثان حتّى تنقضی العدّة» بناءً على أنّ إطلاقه یقتضی التوارث بینهما و لو لم یكن له علیها رجعة مطلقاً، خرج ما دلّ الدلیل على خروجه و هو غیر الطلاق الرجعى، فبقی الغیر مندرجاً تحت العموم، فینبغی المصیر إلى مقتضاه.
و یؤیده ثبوت التوارث بینهما فیما إذا كان الطلاق رجعیاً، فإذا مات أحدهما من غیر رجوع الزوج إلى زوجته فیما إذا ساغ له الرجوع علیها، فلیكن الأمر كذلك فیما إذا كان الموت مع إسقاط الرجوع.
و یتوجّه علیه أنّ التمسّك بقوله علیهالسلام: و هما یتوارثان إلى آخره إنّما یستقیم فی المقام إذا أمكن التمسّك بالإطلاق، و هو غیر معلومٍ، بل غیر صحیحٍ.
تنقیح الأمر فی ذلك یستدعی إیراد ما تقدّم علیه و ما یعارضه، ثمّ التنبیه على ما یلزم منها، فنقول:
إنّ الحدیث هكذا: «و علیه نفقتها والسكنى ما دامت فی عدّتها، و هما یتوارثان حتّى تنقضی العدّة» و هو مروی فی الفقیه ]من لا یحضره الفقیه 3: 495[. أیضاً لكن مرسلاً هكذا: روی عن الأئمّة علیهمالسلام أنّ طلاق السنّة ـ إلى أن قال ـ : و على المطلّق للسنّة نفقة المرأة و السكنى ما دامت فی عدّتها، و هما یتوارثان حتّى تنقضى العدّة.
و مقتضى الإطلاق فیما ذكر و إن كان ما تقدّم لكنّ التعویل على المطلقات مشروط بانتفاء المقید، و المقید فیما نحن فیه موجود، و هو ما نبّهنا علیه ممّا رواه شیخنا الصدوق باسناده إلى موسى بن بكر، قال: روى موسى بن بكر عن زرارة عن أبی جعفر علیهالسلام قال: المطلّقة ثلاثاً لیس لها نفقة على زوجها و لا سكنى، إنّما ذلك للّتی لزوجها علیها رجعة. ]من لا یحضره الفقیه 3: 502، ح 6765 [.
و طریقه إلیه و إن لم یذكره فی المشیخة لكن جهل الطریق غیر مضرٍّ لما قرّر فی محلّه، مضافاً إلى أنّ الحدیث مروی فی الكافی أیضاً، والسندفیه إلى موسى بن بكر صحیح، و الكلام فی موسى بن بكر قد سلف، و قد نبّهنا فیما سلف أنّ مقتضى الحصر فیه أنّه لا یجب الإنفاق على المطلّق إلّا بالإضافة إلى المطلّقة الّتی له علیها رجعة، و اللازم منه تقیید المَرجع فی نفقتها و فی قوله علیهالسلام: «و علیه نفقتها» بذلك، كالمرأة فیما ذكره شیخنا الصدوق فی قوله علیهالسلام: «و على المطلّق للسنّة نفقة المرأة» فعلى هذا یكون الكلام بمنزلة أن یقال: و على المطلّق نفقة المطلّقة الّتی له علیها رجعة، فحینئذٍ یكون قوله علیهالسلام: «و هما یتوارثان» فی قوّة أن یقال: إنّ المطلّق والمطلّقة الّتی له علیها رجعة یتوارثان، فلا یمكن التمسّك به فی ثبوت التوارث فیما لم یكن له علیها رجعة و لو باعتبار المصالحة.
و أمّا الاستناد بما ذكر من التأیید ففی غیر محلّه، لكونه ایلاء إلى القیاس، و القیاس عند القائلین به مشروط بشرطین: أحدهما بالنسبة إلى المقیس علیه، و الآخر بالإضافة إلى المقیس.
أمّا الشرط فی المقیس علیه فهو أن لا توجد فیه خصوصیة یقتضی ثبوت الحكم فیه، فلو وجدت الخصوصیة فیه و انتفت فی طرف المقیس اختلّ به أمر القیاس.
و أمّا فی المقیس فهو أن لا یكون فیه مانع من ثبوت الحكم فیه، فلو وجد فیه المانع لم یكن فی طرف المقیس علیه اختصّ بالمنع.
و یمكن أن یقال بانتفاء الشرط فی محلّ الكلام فی كلا الطرفین.
و أمّا فی طرف المقیس علیه، فلوضوح أنّ إمكان الرجوع فیه إلى الممات خصوصیةٌ یناسب ثبوت التوارث، و هو منتفٍ فی محلّ الكلام.
و أمّا فی طرف المقیس، فلأنّ المفروض انتفاء حقّ الرجوع فیه و عدم إمكانه، فیمكن أن یكون هذا مانعاً عن التوارث.
و یمكن التمسّك لإثبات التوارث هنا بالاستصحاب لكن لا بالتقریر السالف، بل بأن یقال: إنّ التوارث بینهما قبل الطلاق ثابت بالكتاب والسنّة والإجماع، قال اللّه تبارك و تعالى: (وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أزْواجُكُمْ إنْ لَمْ یكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُم الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ) إلى قوله تعالى: (وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ یكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الُّثمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ) ]النساء: 125[. و مقتضى الاستصحاب الحكم بثبوت الحكم المدلول علیه بالآیة الشریفة إلى أن دلّ الدلیل على إطلاقه، والقدر الثابت فی غیر الطلاق الرجعی مطلقاً، و فیه بعد انقضاء العدّة. و أمّا فیما إذا كان الممات فی أثنائها فلا ینبغی الحكم بالثبوت عملاً بالاستصحاب.
هذا ما یقتضیه النظر فی بادئ الأمر، لكنّ الجزم فی أمثال المقام طی الأمر بالمصالحة، فإنّها أسلم و أنجز من المؤاخذة فی مقام المؤاخذة.
تنبیهان:
الأوّل: لا یخفى أنّ ما ذكرنا فیما سلف من عدم جواز العقد على اُخت المطلّقة إنّما هو مع حیاتها، و أمّا إذا اتّفق لها الموت فی أثناء العدّة فالظاهر عدم وجوب التأمّل إلى انقضائها، فیجوز له العقد و لو فی أثنائها، كما إذا ماتت من غیر طلاقٍ، فإنّه یجوز له العقد على اُختها و لو قبل انقضاء زمانٍ یعادل زمان العدّة، كما إذا ماتت إحدى الأربع من الزوجات یسوغ للرجل التزویج باُخرى من غیر لزوم ترقّب فصلٍ.
و أمّا الموثّق المروی فی التهذیب عن عمّار قال: سئل أبوعبداللّه علیهالسلام عن الرجل یكون له أربع نسوة، فیموت إحدیهن، فهل یحلّ له أن یتزوّج اُخرى مكانها؟ قال: لا، حتّى تأتی علیها أربعة أشهرٍ و عشراً. ]تهذیب الأحكام 7: 475، ح (1906) ـ 114[.
فلا بدّ من صرفه عن ظاهره، لوضوح أنّ المدّة المذكورة إنّما هی العدّة للمرأة المتوفّى عنها زوجها، لا للرجل المتوفّى عنه الزوجة، و لذا حمله شیخ الطائفة على الاستحباب، قال بعد أن اورده:
قال محمّد بن الحسن: هذا الخبر محمول على ضربٍ من الاستحباب، لأنّه إذا ماتت المرأة جاز للرجل أن ینكح امرأة اُخرى مكانها فی الحال ]تهذیب الأحكام 7: 475[، انتهى كلامه رفع فی الجنّة مقامه.
والثانی: لا یخفى أنّ عدم جواز الرجوع للزوج على الزوجة بعد المصالحة إنّما هو مع بقاء المصالحة و انتفاء الفسخ، و أمّا عند تحقّقه برضى منها فلا ینبغی التأمّل فی الجواز و لا فی غیر ما ذكر من الإنفاق و التوارث إلّا بعد انقضاء العدّة.
و للّه الحمد والشكر و المنّة، و صلواته على أكمل مَن ختمت به النبوّة، و أفضل مَن تمّت به الولایة، و آله أصحاب العصمة و الجلالة والطهارة.
هذا ما جرى به القلم فی مزرعة تنددان من مزارع كرون من محلّ اصبهان فی ضحوة الیوم الثانی من الاُسبوع الثانی السابع من السبوع الأیام العاشر من العشر الأوّل من الشهر السادس من السنة الخامسة من العشر الرابع من المائة الثالثة من الألف الثانی من هجرة أكمل البریة علیه و على آله آلاف السلام والثناء والتحیة.