• التعليقة علی تهذيب الأحكام
  • للعلّامة المولی محمد اسماعيل الخواجوئی
  • التحقيق: السيد مهدی الرجائی

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمْ

 

قوله: و ليس عبدالله بن بكير معصوماً… ]التهذيب، ج 8، ص 35، باب احكام الطلاق، ح 26.[.

أقول: تجويز مثل هذا بابن بكير يرفع الوثوق عن روايته رأساً، فكيف يسمّونها إذا لم يكن فی الطريق قادح من غير جهته بالموثّق كالصحيح، بل ما ذكره الشيخ هنا يرفع الاعتماد عن مطلق الموثّق، و هو؛ قد اشترط فی كتب الأصول فی قبول الرواية الايمان و العدالة، و كلامه هنا كأنه مبنی عليه.

و من الغريب أنّه تارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقا حتّی أنّه يخصّص به أخباراً كثيرة صحيحة حيث يعارضه باطلاقها، و تارة يصحّح بردّ الحديث لضعفه، و اُخری يردّ الصحيح معلّلا بأنّه خبر واحد لايوجب علماً و لا عملا، كل ذلک قد وقع منه فی هذا الكتاب.

باب لحوق الأولاد بالآباء و ثبوت الإنسان و أقلّ الحمل و أكثره

 

 قوله: قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام يعيش الولد لستة أشهر… ]التهذيب ج 8، ص 115، باب الحكم فى اولاد المطلقات، ح 47.[.

أقول: ما ذكره الحكماء و أجمعوا عليه من أن كلّ شهر من شهور الحمل يتولّاه كوكب من السبعة، فالشهر الأوّل يتولّاه زحل، و هكذا إلی الشهر السادس فيتولّاه عطارد، فينفح ]نفح الطيب كمنع فاح نفحاً و نفاحاً بالضمّ و نفحافاً و الريح هبّت و العرق نزی منه الدم والشيء بسيفه تناوله و فلاناً بشيء أعطاه؛ القاموس المحيط، ج 1، ص 253.[ لسانه، و تظهر خلقته، و الشهر السابع يتولّاه القمر فيشتدّ و يقوی، فإن ولد فی هذا الشهر كان حكمه أن يعيش؛ لأنّ خلقته تمّت، و استوفت طبايع الكواكب و قواها، يفيد أنه إن ولد لستّة أشهر كان حكمه أن لايعيش؛ لأن خلقته وقتئذ غير تامّة، و لم تستوف طبايع الكواكب و قواها.

و يؤيدّه ما رواه صاحب البحار فی المجلّد العاشر منها عن الصادق عليه‌السلام.

قال: و لم يعش مولود قطّ لستّة أشهر غير الحسين بن علی و عيسی بن مريم عليهم‌السلام ]بحارالأنوار، ج 25، ص 254، باب ان الأئمة من ذرية الحسين عليه‌السلام.[.

و لكن صريح هذا الخبر و بعض أخبار أخر و ما صرّح به الفقهاء و ما روی عن ابن عبّاس أنه قال: من ولد لستّة أشهر ففصاله فی عامين، و من ولد لسبعة فمدّة رضاعه ثلاثة و عشرون شهراً، و من ولد لتسعة فأحد و عشرون. يفيد أنّه إن ولد لستّة أشهر كان حكمه أن يعيش كما يفيد أنّه لايعيش فی الشهر الثامن إن ولد فيه، و هو المشهور بين الحكماء أيضاً.

قالوا: و السرّ فيه أنّ فی هذا الشهر يتولّاه زحل ثانياً فيصير كالجامد، و يثقل فی الرحم، و يضعف عن الحركة السريعة الخفيفة، و فی الشهر التاسع يتولّاه المشتری ثانياض، فيكتب قوّة و صلاحاً و حركة طبيعية للروح، فكان حكمه أن يعيش إن ولد فيه، والله يعلم.

كتاب الايمان و النذر و الكفارات

قوله: عنه عن أحمد بن محمد عن الحسن بن النعمان عن العيص بن محمد ]التهذيب، ج 8، ص 301، باب الايمان و الاقسام، ح 109.[.

أقول: فی كتاب رجال محمد بن علی بن شهر آشوب من سواد مازندران فی ترجمة عيص بن القاسم هكذا: ليس فی العرب عيص غير هذا ]معلم العلماء، ص 89، برقم: 618، طبعة النجف الأشرف.[،

قال ملّا عناية الله القهپائی فی بعض حواشيه علی مجمع الرجال: ابن شهر آشوب من الأئمّة فی الرجال المتتبّع المعتبر قوله فی أمثال هذا ]مجمع‌ الرجال، ج 4، ص 308.[.

أقول: ما فی هذا السند من ذكر عيص بن محمّد يدلّ علی عدم تتبّعه و اعتبار قوله فی أمثال هذا، و يؤيّده ما ذكره الكشی ]اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 652، رقم: 669 و فيه: العيص بن القاسم.[ و نقله النجاشی فی رجاله ]رجال النجاشي، ص 302، برقم: 824.[ من عيص بن أبی شيبه،

و اتّحاده مع عيص بن القاسم، بأن يكون أبو شيبه كنية القاسم والد عيص.

هذا بعيد؛ لأنّهم لم يذكروه فی الكنی من كنية، بل أبوشيبه علی ما ذكروه منحصر فی الفراری و الأسدی عقيبة بن شيبه.

و يمكن أن يقال: إنّ العيصين هذين ليسا من العرب، و كلام ابن شهر آشوب فيه، و فيه أيضاً تأمل، و كيف يصّح هذا الحصر و دون إثباته خرط القتاد.

و علی أی حال فالسند بعيص بن محمّد هذا مجهول؛ لأنّه غير مذكور فی الرجال، و منه يظهر وجه حصر ابن شهر آشوب؛ لأنّه لمّا تتبّع فی الرجال و لم يجد عيصاً غير ابن القاسم و زعم اتّحاده مع ابن أبی شيبه حكم بانحصاره فيه.

و فيه ما هو المشهور بين الطلبة عدم الوجدان لايدلّ علی عدم الوجود، و مع ذلک فكان المناسب أن يقول: ليس فی رجال الحديث عيص غير هذا، لا أن يقول ليس فی العرب عيص غير هذا؛ لأنّه مجرّد دعوی بلا دليل لايساعد فی اثباتها التتبّع، كما لايخفی ]روی الكشی عن صدقة بن حمّاد، عن أبی سعيد الآدمي، عن موسى بن سلام، عن الحكمبن مسكين، عن عيص بن القاسم، قال: دخلت علی أبی عبدالله عليه‌السلام مع خالی سليمان بن خالد، فقال لخالی من هذا الفتى؟ قال: هذا إبن أختي، قال: فيعرف أمركم؟ فقال له: نعم، فقال: الحمدلله الذی لم يجعله شيطاناً، ثم قال: يا ليتنی و إياكم بالطائف أحدثكم و تونسوني، و تضمن لهم ألّا يحرج عليهم أبداً. اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 652، رقم 669.[.

باب النذور

 قوله: و الحجّ أحقّ من التزويج ]التهذيب، ج 8، ص 304، باب النذور، ح 9.[

أقول: بيان لكون متعلّق النذر و هو كفّ النفس عن التزويج قبل الحجّ راجحاً، بأنّ الحجّ أحقّ بالنسبة إليه من التزويج، فيكون مرجوحاً و الكفّ عنه راجحاً، فينعقد النذر، فلمّا خالفه مع رجحانه صار غلامه معتقاً فاعتق من باب الافعال بمعنی صار ذا عتق كقولهم: «أغد البعير».

و اعلم أنّ هذا السند علی المشهور بين حسن و موثق، و أمّا عندنا فهو صحيح؛ لأنّ إسحاق هذا هو ابن حيّان لا ابن موسی الساباطي، و أبوعلی قد ثبت توثيقه عندنا، كما بينّاه فی مواضع من كتبنا و فی هذا الكتاب أيضاً. ]و كلامه هذا قدس سره يدلّ علی أنّ حواشيه علی أكثر التهذيب.[

قوله «قال فكان رجل جالس و بين يديه خمسة أرغفة»… ]التهذيب، ج 8، ص 318، باب النذور، ح 61.[.

أقول: قد عدّ هذه القضية أيضاً من القضايا الغريبة المنقولة عنه عليه‌السلام، و أنت خبير بأنّه لا غرابة فيها بعد ما بنی الأمر علی مساواة الأرغفة كمّاً و كيفاً و قيمة، و علی أنّ كلاًّ منهم أكل ما أكل الآخر قدراً، كما ورد فی بعض الروايات أنّه عليه‌السلام قال: و نفرض أنّكم أَكَلْتُمْ بالسوية لانعلم الأكثر أكلا من الأقل، فانّ من الظاهر أنّ من قسمته الثمانية علی الثلاثة يخرج لكل واحد اثنان و ثلاثاً رغيفة.

و يظهر منه أنّ الرجل الثالث العابر قد أكل من ذی الثلاثة ثلاثاً و من ذی الخمسة اثنين و ثلاثاً أعنی سبعة أثلاث، فاذا أعطی به ثمانية دراهم يأخذ كلّ ثلث درهماً، و هذا ما لايخفی علی من له أدنی معارفة بالحساب.

قوله: و بقی له سبعة. ]التهذيب، ج 8، ص 318، باب النذور، ح 61.[.

أقول: ورد فی بعض الروايات أنّهما لما اختصما إلی أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال لصاحب الثلاثة: خذ ما عرض عليک صاحبک و انصرف و أرض به، فقال: لا والله لاأرضی إلّا بتميز الحقّ، فقال عليه‌السلام: فليس لک فی الحقّ إلّا درهم واحد و له سبعة دراهم، فقال: سبحان الله يا أميرالمؤمنين هو يعرض علی ثلاثة دراهم و أشرت بها علی فلم أرض، ثمّ تقول: الآن ليس لك إلّا درهم واحد، فقال عليه‌السلام: إنّه قد عرض عليک ظنّاً منه أنّ ذلک حقّک و أشرت بها عليک الصلح فلم تقبله، فقال الرجل فعرّفنی بتميز الحقّ ثمّ أقبله.

قال عليه‌السلام: نعم أليس كلّ رغيفة ثلاثة أثلاث؟

قال: بلی، قال عليه‌السلام: فالثمانية الأرغفة أربعة و عشرون ثلثاً، منها لک تسعة أثلاث و نفرض أنّكم أكلتم بالسويّة لانعلم الأكثر أكلا من الأقلّ، فأكل منک ثمانية أثلاث أكل لک ثلث واحد، و أكل لصاحبک سبعة أثلاث، فله سبعة دراهم و لک درهم واحد بثلثک، فقال الرجل: الآن رضيت من أميرالمؤمنين ]راجع: بحارالأنوار، ج 40، ص 263 ـ 264، عن الارشاد نحوه و مانقله هنا هو نقل بالممعنی لاعين ألفاظ الحديث.[.

 و يظهر منه أنّ المدّعی عليه إذا لم يعلم مقدار ما عليه من الحق يجوز له أن يصلح بما ظنّ أنّه الحقّ، و انّ الحاكم العالم بمقدار الحقّ لايجب عليه الاعلام به، بل يجوز له أن يصلح بينهما بما يرضی به المدّعی عليه، و إن كان زائداً علی مقدار ما عليه من الحقّ، وانّ بناء الشرع علی الظاهر و الحاكم لايجب عليه العمل بعلمه؛ لأنّه عليه‌السلام كان عالماً بمقدار الحقّ و بما أكل كلّ منهم، و مع ذلک فرض أنّهم أكلوا بالسويّة و بنی عليه الحكم، و يؤيده قول النبی صلی الله عليه و آله: «نحن نحكم بالظاهر» و ان المدّعی يجوز له الامتناع من قبول الحقّ الی أن يبيّن له الحاكم مقداره.

باب الوصية بالثلث و أقلّ منه و أكثر

 

قوله: أوصی رجل بتركته متاع و غير ذلک ]التهذيب ج 9، ص 195، باب الوصية بالثلث، ح 17.[.

أقول: الظاهر أنّه كان فی ذمّة هذا الرجل من حقّه عليه‌السلام من الخمس و غيره ما يحيط بجميع مخلّفاته، و كان الرجل فيه علی يقين، و لذلک أوصی له عليه‌السلام بجميع ما خلّف، و كان عليه‌السلام يعرف ذلک و لذلک أخذه، لا لأنّه كان من الوصايا، و عليه تنزيل الصورتين الأخراوين، و علی هذا فلا منافاة بين هذه الأخبار و بين ما دلّت علی أنّهم: كانوا لايأخذون من الوصايا أكثر من الثلث.

باب وصية الانسان لعبده و عتقه له قبل موته

 

 قوله: عن الحارثی ]التهذيب ج 9، ص 223، باب وصية الانسان لعبده، ح 23.[.

أقول: الحارثی مشترک بين ثقة و ضعيف و مهمل، و لكن ليس أحد منهم فی طبقة يكون من أصحاب أبی عبدالله عليه‌السلام، والظاهر أنّه مصحّف «الجازي» من أهل الجازية قرية بالنهرين، و المراد به عبدالغفار بن حبيب الجازی الثقة، و القرينة عليه الراوی فانّ محمّد بن الحسين يروی عن النضر بن شعيب، و هو يروی عن الجازي.

و قال المجلسی قدس سره فی حاشيته علی هذا السند: انّ النضر بن شعيب غير مذكور ]روضة المتقين، ج 14، ص 111.[.

و فيه أنّ ملّا ميرزا محمّد ذكره فی الأوسط، و قال: انّه مجهول ]خلاصة المقال للأسترآبادی، مخطوط.[.

و ذكره ملّا عناية الله فی مجمع الرجال: هو النضر بن سويد الصيرفی ]مجمع الرجال، ج 6، ص 180.[.

و قال فی ترجمة خالد بن زياد القلاسني: له كتاب يرويه عنه النضر بن شعيب الصيرفی ]مجمع الرجال، ج 2، ص 258.[.

و كتب فی الحاشية: اشتبه والد النضر أنّه شعيب أو سويد، و كلامهم مشوّش فيه جدّاً ]هذه الحاشية غير موجودة فی المطبوع من المجمع.[.

و قال فی حاشيته علی ترجمة الجازي: يذكر والد النضر علی العنوانين شعيب و سويد ]مجمع الرجال، ج 4، ص 99.[.

و قال فی مشيخة الفقيه فی سند فيه النضر بن شعيب: السند صحيح ]روضة المتقين، ج 14، ص 111.[.

و كتب فی الحاشية: قد يقال فی اسم الوالد: سويد، و قد يقال: شعيب، و الأمر مشتبه، والاتّحاد فی الرجل ظاهر ]هذه الحاشية غير موجودة فی المطبوع من شرح مشيخة الفقيه.[. فعلی ما ذكره رحمه الله فهذا السند صحيح لا مجهول.

باب الزيادات

 قوله: اعتق أبو جعفر عليه‌السلام من غلمانه عند موته ]التهذيب، ج 9، ص 232، باب من الزيادات، ح 1 و 49.[.

أقول: هذا بظاهره ينافره ما مرّ عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: انّ أبا جعفر عليه‌السلام مات وترک ستّين مملوكاً و أعتق ثلثهم، فَأُقرعت بينهم و اُعتقت الثلث ]التهذيب، ج 9، ص 220، باب وصية الانسان لعبده، ح 14.[.

و لعلّه عليه‌السلام أعتق أوّلا شرارهم، ثمّ أعتق من الخيار ثلثهم مبهماً، فأقرع الصادق عليه‌السلام بينهم و أعتق الثلث.

دیدگاه‌ خود را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

اسکرول به بالا