• نُخبةُ التِّبيان فی علم البيان
  • تأليف: علّامة ملّا حبيب‌اللهِ الشريف الكاشانی

مدد الساوجی (ت 1340 هـ )

تحقيق: عماد جبّار كاظم

مدرس مساعد جَامِعَة واسِط

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام علی سيدِنا محمدٍ و آلهِ الطّيّبين الطّاهرين.

و بعدُ: يزخر التّراث العربی والإسلامی بكنوز من العلم والمعرفة، لمّا تزل فی طيّات السّطور بين دفتی مخطوط، تقاتل عوادی الزّمن من أجل البقاء، و فی صيحات باستغاثة من ينجدها؛ كی يخرجها من رحم الظّلام إلی حيّز نور الطّبع والنّشر العلمي، للإفادة منها فی الأصالة.

لقد بدأ لی أن أخرجَ هذهِ الوجيزةَ «نخبة التِّبيانِ فِی عِلْم البَيَان» إلی مصارعة شموس المعرفة فی البلاغة العربيّة، لينير بيانُها أفق الوجود الفنی الجماليّ، و يكشف ضوؤها سمت التّراث الأدبی النبيل.

و قد كان سبيل العمل هذا فی مقدّمةٍ، سرت فيها مع حياة المؤلف فی اختصارٍ، و من بعدُ، دخلْت فی رحابِ النّصّ لتحقيّقهِ، شاكراً المولی (جلّ و علا) علی منّهِ الكريم فی الهدايَة، سائليه ـ سبحانه ـ السّداد والتّقويم، فی البداية والنّهاية.

حياة المؤلِّف فی سطورٍ

 اسمهُ و لقبهُ الشّريفُ ]ترجم المؤلف (قدّس سره) لنفسه فی كتابه، لباب‌الألقاب، ص 148 ـ 157. و تُرجِمَ لهُ فی: أعيان‌الشيعة، ج 4، ص 559. و طبقات أعلام‌الشيعة، القرن الرابع عشر، ج 1، ص 360ـ361. و مصفی ‌المقال، ص 120. العقدالمنير، ص 394 ـ 395. و الذريعة، ج 2، ص 66 ـ 67؛ ج 4، ص 182، ص 491 ـ 492؛ ج 5، ص 287؛ ج 8، ص 98؛ ج 10، ص 161ـ162، ص 187؛ ج 13، ص 248؛ ج 15، ص 28؛ ج 19، ص 143؛ ج 23، ص 4. و معجم‌المؤلفين، ج 3، ص 187. و ما كتبه العلّامة المحقّقالأُستادی فی مجلّة (نور علم)، الفارسية، العدد (54) الصادرة فی قم سنة 1413 هـ . والدّرة ‌الفاخرة، تحقيق: السّيد محمدتقی الحسيني، ص 347 و بعدها.[:

  هو آيةُاللهِ المحقّق العلامة الملّا حبيبُ اللهِ الشّريف بن الملّا علی مدد بن رمضان السّاوجی الأصلِ، الكاشانی النّشأة.

 مولده و نشأته:

ولد ـ قدس سره ـ فی كاشان فی حدود سنة 1262 هـ . علی ما هو تحقيقه، إذ ذَكَرَ أنّه لم يتبينْ تأريخَ مولدِه من مكتوب من والدِه، و إنّما ذكرتْ لهُ والدتُه (رحمهما الله تعالی): أنّ ولادته كانت قبل وفاة الغازی محمد شاه القاجار المتوفی سنة 1264 هـ ، بسنتين.

كان والده؛ من العلماء الأعلام، له مؤلّفات عدّة فی الفقه و أصوله، من أهل ساوة، رحل إلی قزوين، و أصفهان للدّراسة، ثمّ إلی كاشان، فسكنها، و تزوّج فيها، فوُلِد له نجلُه الشّريف حبيب الله.

و لمّا بلغ الخامسةَ مِنَ العمر بعث أكابرُ أهلِ ساوة فی طلب أبيهِ؛ لمكانته العلميّة؛ فی تولّی شؤونهم الدّينية، و أُمور الفتيا؛ فعاد إليها.

و بقی المؤلّف فی كاشان يتنقّل فيها علی نخبة من الشّيوخ، بكفالة أمّه، و رعاية الفقيه الحاجّ السيّد محمّد حسين الكاشانی ]ينظر ترجمته: لباب الألقاب المتقدم، فی الباب الثّامن.[ الذّی كان أبرّ و أعطف عليه من أبيه، كما قال الشّريف.

و توفّی والده فی مدينة ساوة سنة 1270 هـ ، والمؤلّف فی ربيع التّاسعة من عمرهِ، فی شغف التّحصيل، و شوق الدّرس؛ بتشويق السّيّد محمّد حسين.

ثم سافر إلی طهران و هو فی سنّ التّاسعة عشرة من العمر؛ لمواصلة الدّرس، و متابعة التّحصيل، و من ثمّ هاجر إلی العراق سنة 1281 هـ ؛ لزيارة العتبات المقدّسة؛ و لإدراک الشّيخ المرتضی للاستفادة، فما أن وصل إلی كربلاء، حتّی نُعِی بوفاة الشّيخ الأنصاری ـ قدس سره ـ فتوقف، ثم ذَهَبَ إلی النّجفِ الأشرفِ، و لم يحضر مجلساً من مجالس الدّرس؛ لتعطيلها؛ بفوت الشّيخ مرتضی الأنصاريّ؛ فطفِقَ راجعاً إلی كاشان، ثم هاجَرَ إلی گلپايگان، للتزوّد من أستاذهِ التّقی الملّا زين‌العابدين، الذّی تأسّی بسيرته، والتزم بوصيته، و سار علی طريقته فی الدّرس والتّهذيب والتّأليف فی العلوم بأنواعها، والفنون أشتاتها، عندما عاد إلی كاشان ]ينظر: العقد المنير، المازندرانی، ص 394؛ معجم المؤلفين، ج 3، ص 187.[ .

حياته العلمية:

عكف المؤلف منذ نعومة أظفاره علی الدّرس، و السّعی الحثيث لطلب العلم و المعرفة، ـ و قد مرّت بنا أسفاره و تنقلاته فی اختصار ـ ، مقبلاً علی شأنه، صارِفاً عنانَ نفسه عن جمع الأموال مع فقده لها و كثرة العيال، غير مدّخر وسعاً فی البحث و التّدريس، ولاصارفاً عمراً فيما صرفه البطالون، و اللاهون الغافلون ]ينظر: لباب الألقاب، عن مقدمة کتاب ذريعة الإستغناء، ص 14.[.

أخلاقه و أوصافه:

و هو علی كل ذلک، كان دائم الذكر و التلاوة، كثير التهجد والعبادة، مُحِبّاً للاعتزال، متجنباً عن المراء والجدال، و عن غير شأنِهِ والجوابِ والسؤال، إلا فی مسائل الحرام والحلال، معرضاً عن الحقد والحسد والطّمع و طول الآمال، صابراً علی البأساء والضراء، و شدائد الأحوال، غير جازع من الضّيق، والفاقة، وعدم المال ]المصدر نفسه، 14.[. يدلّک علی ذلک فی أبسطه كثرة مؤلفاته، و آثاره العلمية.

شيوخه:

تتلمذ الشّيخ ـ قدس سره ـ علی عدد من العلماء الكرام، فی مقدمات الدّرس، و مراحل البحث المتقدمة فی الفقه والأصول، منهم:

1ـ الميرزا أبوالقاسم الكلانتری الطهراني.

2ـ المولی حسين الفاضل الأردكاني.

3ـ المولی زين العابدين الگلپايگاني.

4ـ الشيخ محمد الأصفهاني، ابن أخت صاحب الفصول، (محمد حسين الأصفهانی الحائري).

5ـ الميرزا محمد الاندرماني.

6ـ السّيد محمد حسين بن محمد علی بن رضا الكاشاني. الذی أجازه بالرواية، و هو فی عمر السّادسة عشرة.

7ـ المولی الهادی المدرس الطّهراني.

و لمّا بلغ الثامنة عشرة أجازه السّيّد محمد حسين، المذكور، الإجازة التّی نصها الآتی:

«بسم الله الرحمن الرحيم

ألحمد لله رب العالمين، و صلی الله علی خير خلقه محمد و آله أجمعين.

و بعد، فإن ولدی الروحاني، العالم الرباني، والعامل الصمداني، النحرير الفاضل، الفقيه الكامل، الموفق المسدد، المؤيد بتأييد الله الصّمد، حبيب الله بن المرحوم المغفور علامة زمانه علی مدد؛ قد كان معی فی كثير من أوقات البحث والخوض فی العلوم، و قد قرأ علی كثيراً من علم الأصول والفقه، و سمع منی كثيرا من المطالب المتعلّقة بعلم الكلام والمعارف الدينية و ما يتعلّق بها. و قد صار بحمد لله و المنة عالما فاضلا، و فقيها كاملاً، مستجمعاً لشرائط الفتوی والاجتهاد، حائزاً لمراتب العلم والعمل والعدالة والنبالة والسداد، فأجزت له أن يروی عنی عن مشايخی بأسانيدی و طرقی المرقومة فی إجازاتی المتصلة بأهل العصمة عليهم آلاف الصلاة والسلام والثناء والتحية، و ألتمس منه أن يلتزم الاحتياط فی الفتوی والعمل، و أن لاينسانی فی أوقات الإجابة من الدعاء فی حياتی و بعد مماتي. و كان تحرير ذلك فی الثانی عشر من شهر ذی الحجّة الحرام سنة 1279.

محمدحسين بن محمد علی الحسيني» ]لباب الألقاب، عن مقدمة كتاب ذريعة الإستغناء، ص 12.[

أقوال العلماء فيه:

ترقّی المؤلّف؛ مكانةً علمية رفيعة المستوی، ذائعة الصّيت، بالغة الأفق، ما جعله يحظی باهتمام العلماء والدّارسينَ، فقال فيه السّيّد محسن الأمين: «عالم، فاضل، له عدة مؤلفات..». ]أعيان الشيعة، ج 4، ص 559[.

و قال فيه الشيخ العلّامة آقا بزرگ الطهراني: «عالم فقيه، و رئيس جليل، و مؤلّف مروج مكثر..» ]عن مقدمة كتاب ذريعة الإستغناء، ص 32[.

و قال فيه أيضاً السّيد موسی الحسينی المازندراني: «عالمٌ فقيهٌ، محقّقٌ، مشارکٌ فی عدّة علوم..».] العقد المنير، ص 394[.

وفاته و مدفنه:

و بعد عُمر ناهز الّثمانين فی الدّرس والتّدريس والتأليف، والنّتاج والعطاء، رفل المؤلّف فی الذّكر الخالد الحميد، والتحق ـ قدس سره ـ إلی الرّفيق الأعلی فی يوم الثّلاثاء (23) خلت من جمادی الآخرة سنة 1340 هـ ، 1922 م ]ينظر: الذّريعة، ج 5، ص 287؛ و العقد المنير، ص 395، معجم المؤلفين، ج 3، ص 187. [.

و دفن فی المقبرة المسمّاة بـ «دشت افروز»، الّتی ]كانت[ تقع خارج بلدة كاشان، فی بقعة خاصة به ]ينظر: الذريعة، ج 10، ص 108؛ و العقد المنير، ص 395.[. و أصبح قبره مزاراً يرتاده المؤمنون حتی هذه الأيام. مخلفاً وراءه تراثاً علميّاً كبيراً، و ذرّيّة صالحة ينعمون فی أثواب المجد والخير إلی الآن.

آثاره:

وقف المؤلّف ـ قدس سره ـ  نفسه علی العلم و التّصنيف، و الجمع والشّرح والتّأليف، فبرع فی كثير من العلوم، و وسع فيها، و تحقّقت إجادته فی جملة من الفنون، و خبرها؛ فبلغت مؤلفاته (163) مَؤلَّفاً ]ينظر: مقدمة كتاب ذريعة الإستغناء، ص 31.[ بين كتاب و رسالة، فی العلوم العربية والعقلية، كالخطّ والصّرف والنّحو والبلاغة والأدب و تأريخ السّيرة، و علوم القرآن والحديث والكلام والفقه والأصول والمنطق والأخلاق والعرفان و غيرها من أفانين المعرفة.

و لقد أعدّت لذكر مؤلّفاته قوائم خاصّة بذلک، أهمّها ما أعدّه الشّريف هو لنفسه ـ قدّس الله روحه ـ ، فی الفهرست الذی ذكره فی نهاية ترجمته فی كتابه لباب الألقاب، الذّی طبع مختصره فی نهاية كتابه: مغانم المجتهدين فی حكم صلاة الجمعة والعيدين ]ينظر: مقدمة الدّرة الفاخرة ـ منظومة للمؤلّف ـ المطبوعة فی مجلّة علوم الحديث العربي، العدد الأوّل، السنة الأولی سنة: 1418 هـ ، ص 338 ـ 339.[.

 والقائمة الّتی شمّر لها ساعداً الشّيخ رضا الأستادی الطّهرانی التّی رتّب فيها مؤلّفاته علی الحروف الهجائية، و طبعت مع ترجمة مفصّلة عن المؤلّف فی مجلة نور علم الفارسية، العدد 54، الصادرة فی قم، سنة 1413 هـ .

والفهرسة التّی قدّمها محقّقو كتابه ذريعة الاستغناء فی تحقيق مسألة الغناء فی جامعة كاشان، الذی طبعت سنة 1417 هـ ـ 1996 م، إذ صنّفت فيها المؤلّفات بحسب العلوم والموضوعات، مع ترجمة مبتسرة عن حياة المؤلّف فی تصرّف بالاعتماد الكلّی علی ترجمته لنفسه فی لباب الألقاب، و غيرها من الفهارس العامّة التّی ذكرت حياته، والخاصّة التّی تصدّی لها من عمِل علی تحقيق تراثه الخالد، و قد ذُكِرَ ]ينظر: القائمة التّی أعدها الأستاذ فارس حسون محقق مرثيته فی الإمام الحسين عليه­السلام، التيطبعت فی مجلة تراثنا، العدد الأول (61)، سنة 1421 هـ . فقد ذكر فيها أن مؤلفاته بلغت ما يقرب(140) مؤلفا، ص 194. و للمزيد، ينظر: القائمة التّی أعدتها جامعة كاشان فی مقدمة كتابه، ذريعة الإستغناء، ص 16 ـ 31.[ منها:

  1. إكمال الحجة فی المناجاة.
  2. الأنوار السانحة فی تفسير سورة الفاتحة.
  3. إيضاح الرّياض.
  4. بوارق القهر فی تفسير سورة الدهر، مطبوع.
  5. تبصرة السائر فی دعوات المسافر.
  6. تذكرة الشهداء، مطبوع علی الحجر، بالفارسية. و قد طبع حديثاً مع التحقيق فی المجلدين.
  7. توضيح البيان فی تسهيل الأوزان فی تعيين الموازين الشرعية، مطبوع، علی الحجر.
  8. جنة الحوادث فی شرح زيارة وارث، مطبوع، قديماً و حديثاً.
  9. جذبة الحقيقة، فی شرح دعاء كميل. حققه حفيد المؤلف الشيخ حسين الشريف.
  10. الجوهر الثمين فی أصول الدّين.
  11. حاشية علی شرح قطر النّدی.
  12. حديقة الجمل.
  13. حقائق النّحو.
  14. خواص الأسماء.
  15. الدّر المكنون فی شرح ديوان المجنون.
  16. درة اللاهوت، منظومة فی العرفان.
  17. رجوم الشياطين، فی ردّ البابية.
  18. زبدة الفرائد، بالعربية.
  19. زهر الربيع فی علم البديع، (منظومة).
  20. شرح القصيدة الحميريّة.
  21. شرح زيارة عاشوراء، مطبوع، قديماً و حديثاً.
  22. شرح الصّحيفة السّجّاديّة.
  23. شرح علی المناجاة الخمسة عشر.
  24. صراط الرشاد فی الأخلاق.
  25. كشف السحاب فی شرح الخطبة الشقشقية.
  26. لباب الألقاب، مطبوع.
  27. لباب الفكر فی علم المنطق.
  28. اللمعة فی تفسير سورة الجمعة، مطبوع.
  29. مرثية الإمام الحسين عليه­السلام، مطبوع.
  30. مصابيح الدّجی.
  31. مصابيح الظلام.
  32. مصاعد الصلاح فی شرح دعاء الصباح.
  33. منتخب الأمثال، فی أمثلة العرب.
  34. منتخب درة الغواص فی أوهام الخواص للحريري.
  35. منظومة فی النّحو.
  36. منية الوصول فی الأصول، نظم عربي.
  37. نخبة التبيان فی علم البيان. ـ الكتاب الذی بين أيدينا.
  38. نخبة المصائب.
  39. الوجيزة فی الكلمات النحوية.
  40. هداية الضبط فی علم الخط.

هذه الوجيزة، وصفها و منهجها:

هی رسالةٌ بلاغيّةٌ مقتضبةٌ فی علم البيانِ، حَدّاً، و موضوعاً، و فائدةً، مشتملةٌ علی أربعةِ مطالب: فی التّشبيه، والمجاز، والاستعارة، والكناية، فی فصول قصيرة.

أعدّها المؤلّف فی العشرينيات من عمره، فی بعض من زمن يوم، فقد جاء فی نهاية الرّسالة: «وَقَد ألفتُهَا فی بعضٍ مِن يَومٍ، وَ قَليلٍ مِنَ الزّمانِ، وَ أَنَا العَبدُ الوَاثقُ باللهِ الصَّمَدِ حبيب‌الله بن علی مَدَد، فِی يوم الخميس، مِن ذِی الحجَةِ الحَرامِ، فِی 1284 هـ ، بَلدة كلبايكَان». ما يدلّ علی توّقد فكره، وسعة حفظه، و قوّة ذاكرته، و استيعابه، و تمييزه لمادّته.

و قد اعتمد الشّريف فيها سبيل منهجية القسمة المنطقيّة الدّائرة بين النّفی والإثبات: (إمّا، أو)؛ فی تلخيص القواعد الكليّة لموضوعات علم البيان و إختصارها؛ إبتعاداً عن التّفصيلية التّی تستخدم فی الشّروح، والإطناب، خلافاً لموضوع فائدة التّشبيه الذّی أسهب فيه بالتّعدد علی الرّغم من إمكان آلية الإضافة فی الإحالة، والإختصار الذّی سار عليه فی الرّسالة، مع إهمال الأمثلة التّطبيقيّة إلا فی النّادر القليل جداً مما لابدَّ منه، والعناية الشّديدة بالنّظرِ والأصول البيانية. كقوله مثلاً: «إِنْ كَانَ الطَّرَفَانِ مُفْرَدَيْنِ، فَتَشْبِيْه مُفْرَدٍ بِمُفْرَدٍ، سَوَآءٌ كَانَا مُقَيَّدَيْنِ، أَوْ غَيْرَ مُقَيَّدَيْنِ، أَوْ مُخْتَلَفِيْنِ. وَ إِنْ كَانَا مُرَكَّبَيْنِ، فَمُرَكّبٌ بِمُرَكَّبٍ. وَ إِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَمُفْرَدٌ بِمُرَكَّبٍ، وَ بِالعَكْسِ. وَ إِنْ كَانَا مُتَعَدّدَيْنِ، فَإنْ تَرَتَّبَ المُشَبَّه بِهَا عَلَی المُشَبَّهاتِ المَذْكُوْرَةِ، أَوّلاً، بِعَطْفٍ، وَ نَحْوهِ، فـَ (التَّشبِيهُ مَلْفُوفٌ)، وَإِلاَّ فـَ(مَفْرُوقٌ).».

و فی مورد المثال قوله، مثلاً: «كَمَا فِی تَشْبِيهِ غُرّة الصُّبحِ بِوَجْهِ الخَلِيْفَةِ». و قوله: «كَمَا يُقَالُ للزّنْجِيّ: (مَا أَشْبَهَهُ بِالكَافُورِ!)» والإقتضاب هذا ليس ضنّاً من المؤلّف قدس سره، بل هو شأن الإختصار، قال: «و تَفْصِيْلُ الأَمْثِلَةِ لاَيَلِيْقُ بِهَذَا الُمخْتَصَرِ».

لقد جعل الشّريف حبيب الله فی مقدمة هذه الوجيزة تقديم كلام البلغاء علی كلام المعبود، فی فائدة علم البيان، قال: «وَفائِدَتُهُ، مُضافةٌ إِلی ذَلِکَ: الوُقُوفُ عَلَی مَرَاتِبِ كَلامِ البُلَغَاءِ، وَ شَرَافَةِ كَلامِ المَعْبُودِ». علی غير عادة البلاغيين فی ذلک، و هو أمر يمتدح به؛ لأنّ معرفة ذلک هو نفسه مقدّمة من سبيل ترتيب المقدمات إذ إنّ الوقوف علی كلام البلغاء هو مفتاحٌ لمعرفة عظمة كلام المعبود سبحانه.

كتبت الرّسالة بخط الإجازة ـ التّوقيع ـ ، بحروف واضحة مع تحريک بعضها، فی زمن المؤلّف علی يد حسن الشّريف بن علی الكاشاني، سنة 1309 هـ ، فی كاشان، يتصدرها عنوانها: «هذه وجيزة موسومة بـ(نخبة التّبيانِ فی علمِ البيانِ) منْ تأليفاتِ علّامةِ الزمانِ آقای ملا حبيب اللهِ» بخط واضح عريض فی منتصف الصّفحة، مخلّفاً وراءه ستّ أوراق فی الموضوعات والفصول المتقدمة، بخط كبير أيضاً، مأطّرة بإطار، تحتوی كل صفحة منها علی 18 سطراً، فيه 17 إلی 18 كلمة. بقياس: (23×18سم). مع بعض الرّموز الكتابية كـ (ح)، و (كك)، و فی نهاية بعض الصّفحات فی أسفلها علی يسار القارئ كلمة أو كلمتين من الصّفحة التّالية لها، للبيان والوصل.

النّسخة المعتمدة:

اعتمدت فی التّحقيق علی صورة النّسخة المخطوطة المحفوظة فی مركز إحياء التراث الإسلامی بالمجموعة المرقمة: 909، الكتاب الخامس، والمذكورة فی فهرس المخطوطات العربية فی مركز إحياء التراث الإسلامی ج 2، ص 56.

و قد استوثقت من اسمها، و نسبتها إلی مؤلّفها؛ إذ ذكرها المؤلف فی الفهرست الذی أعدّه هو بنفسه عند ترجمته فی اللباب برقم: 12، فضلاً عن ذكر إسمه مرّتين فی المخطوط عينها، وغير ذلک من القوائم المتقدمة التّی أنجزت لإحصاء تراثه.

 منهجيّة التّحقيق:

لما كانت الرّسالة موجزة جداً بسلوكها و منهجها التّأليفي، علی الرّغم من أنّ البيان فی البيان بحاجة إليه، فی كثرة الأمثلة، والتّوضيح؛ لتشعّب موضوعاته، و تنوّع تفرعاته، رأيت من المناسب جدّاً العودة إلی كتب البلاغة و شروحها كمفتاح العلوم، والتّلخيص وشروحه، والمطوّل و غيرها؛ لفتح شفرات الرّسالة، و حلّ رموزها، والوقوف علی مرجعيات المؤلّف فی التأليف، و سبيل قراءته، فكان منّی العمل الآتی:

ـ تحرير النّصّ علی وفق القواعد الإملائيّة المعروفة، و ضبط ما يحتاج إلی ذلک، مع الإصلاح فی الأصل، والإشارة إلی بعضها فی الهامش، فضلاً عن حلّ الرّموز التّی إستخدمها النّاسخ مثل: (ح)، للدلالة علی كلمة (حينئذٍ)، و (كک)، للدلالة علی (كذلک)، فأثبتناه من غير إشارة، و كذلک ألفاظ رسمت رسماً قرآنيّاً.

ـ حاولت قدر الإمكان تحريك النّصّ.

ـ ألإحالة إلی المصادر الرئيسة التّی أفاد منها المؤلّف.

ـ ألإحالة إلی مجموعة من المظانّ البلاغيّة فی بداية المطلب للإفادة من أماكن وجودها والتّيسير علی القارئ، فی الرجوع إليها.

ـ ألتّرجمة للمؤلفين الذّين أخذ عنهم المؤلف، و التّعريف بهم، مع مظانّ ذلک.

ـ ألمقارنة فی بعض المسالک التی وردت فی الكتب البلاغيّة.

ـ ألتّعليق علی بعض الأمور التّی تُشكل.

ـ توضيح بعض الكلمات والإشارة إلی معانيها.

ـ تخريج إشارة البيت الشعری الذّی تمثل به المؤلّف ـ علی قلّة ذلک ـ والإحالة إلی مصادره.

ـ جعلت أقسام المطلب و فصوله بين قوسين كذا: ( )، و بخطّ عريض؛ للتمييز بينها.

ـ و صيّرت ما أضفناه علی النّص بين قوسين معقوفين: ]…[.

ـ وضعت خطّين مائلين ]//[؛ للإشارة إلی نهاية الصّفحة، و بدايتها من المخطوط.

ـ عمل فهرسة خاصّة فی الموضوعات، والمطالب التی وردت فی المخطوط.

و بعد فأرجوا أن أكون قد وفقت فی تقريب النّصّ إلی القارئ الكريم بصورة علمية عصرية جيدة علی قدر الإمكان، خدمة للتّراث العربی والإسلامي، و إحياءً لذكر الشّريف الكاشانی ـ رحمه الله تعالی ـ . (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِی لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَ تَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ).. ]سورة آل عمران، الآية 193.[

و آخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.

 

                                                                                  عماد جبار كاظم

                                                                                العراق

                                                                                   الجامعة واسط / كلية الآداب

                                                                                     15/9/2006 م.

 

 

 

بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ

وَ بِهِ نَسْتَعِيْنُ

 الحَمْدُ للهِ الّذی اصْطَفَی مُحَمّدَاً فَعَلّمَهُ القُرْآنَ، وَ شَرّفَهُ بِمَدَارِجِ الفَصَاحَةِ وَالبَيَانِ، فَالصَّلاةُ عَلَيهِ، وَ عَلَی آلهِ مَهَابطِ الوَحْی وَالإيِمَانِ، وَ عَلَی أَصْحَابِهِ مَعَانِی العَدْلِ وَالإحْسَانِ.

وَ بَعْدُ:

فَالبَيَانُ ]فی اللغة هو: الكشف والظّهور، جاء فی اللسان: «البَيانُ: ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدّلالةو غيرِها. و بانَ الشيءُ بياناً: اتَّضح، فهو بَيِّنٌ،… و استَبانَ الشیءُ: ظهَر،… و منه قوله تعالی: (آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ)؛ سورة النور، الآية 46؛ والتِّبْيان: مصدرٌ، و هو شاذٌ لأَنّ المصادر إنّما تجيء علی التَّفْعال، بفتح التّاء، مثال: التَّذْكار والتَّكْرار..، و لم يجئ بالكسر إلا حرفان و هما التِّبْيانوالتِّلقاء..»، «والبَيانُ: الفصاحة واللَّسَن، و كلامٌ بيِّن فَصيح. والبَيان: الإفصاح مع ذكاء.. روی ابنُ عباس عن النبی صلی الله عليه و آله و سلم، أَنّه قال: «إنّ من البيانِ لسِحْراً و إنّ من الشِّعرِ لحِكَماً»؛ قال: البَيانُ إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ، و هو من الفَهْم و ذكاءِ القلْب مع اللَّسَن، و أَصلُه الكَشْفُ والظهورُ،.. و قال الزّجاج: فی قوله تعالی: (خَلَق الإنْسانَ علَّمَه البيانَ)؛ سورة الرحمن، ألآية 4،3؛ قيل: إنّه عنی­ بالإنسان ههنا النبی صلی الله عليه و آله و سلم، علَّمَه البيان، أَي: علَّمه القُرآن الذی فيه بيانُ كلِّ شيء، و قيل: الإنسانُ هنا آدمُ عليه­السلام، و يجوز فی اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس جميعاً، و يكون علی هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتی انفصل الإنسانُ ببيَانِه و تمييزه من جميع الحيوان..». لسان العرب، ابن منظور، مادّة (بين)، ج 13، ص 67 و ما بعدها؛ و ينظر: الصحاح الجوهري، مادة (بين)، ج 5، ص 495؛ و مفردات ألفاظ القُرآن، الإصفهاني، مادّة (بين)، ص 157؛ والقاموس المحيط، الفيروز آبادي، مادّة (بين)، ج 4، ص 188؛ و معانی القُرآن و إعرابه، الزّجّاجي، ج 5، ص 75؛ و الحديث في: الموطأ، مالك بن أنس، ج 1، ص 986؛ و صحيح البخاري، ج 7، ص30؛ والمجازات النّبويّة، الشّريف الرّضي، ص 115).[: علمٌ يُقْتَدَرُ بِهِ عَلَی إيرَادِ التَّشْبِيهِ، وَالَمجَازِ، وَالكِنَايَةِ، عَلَی مَا هُوَ المَقْصُودُ.

وَفائِدَتُهُ: مُضافَةً إلِی ذَلِکَ ]فی المقصد الذی يراد فی الحدّ، و التعريف. و هذه الفائدة عامّة لموضوع العلم فی الإنحصار الكلّی لمفرداته، و سيأتی ذكر المؤلف فی بعض فوائد تلك الموضوعات الخاصّة، كـ(فوائدالتشبيه).[: الوُقُوفُ عَلَی مَرَاتِبِ كَلامِ البُلَغَاءِ، وَ شَرَافَةِ كَلامِ المَعْبُودِ.

 وِ مَوْضُوعُهُ: الثّلاثةُ المَذْكُورةُ ]التّی فی التعريف: (التشبيهِ، وَالمَجَازِ، وَالكِنَايَةِ). قال القزويني؛ فی إنحصار عِلمِ البيانِ فی هذه الأنواع الثّلاثة، قال: «اللفظ المراد به لازم ما وضع له؛ إن قامت قرينةٌ علی عدم إرادة ما وضع له فهو مجاز، و إلا فهو كنايةٌ. ثمّ المجاز منه الإستعارة، و هی ما تُبْتَنَی علی التّشبيه؛ فيتعّين التّعرّض له. فإنحصر المقصود فی التّشبيه، والمجاز، والكناية، و قُدِّمَ التّشبيه علی المجازَ لِمَا ذكرنَا، مِن ابتناء الإستعارة التّی هی مجاز علی التّشبيه، و قُدِّم المجاز علی الكناية؛ لنزول معناه من معناها منزلة الجزء من الكل». الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 213. و قيل: أنّها أربعة مع إفراد الإستعارة؛ فی البناء علی التّشبيه. ينظر: مواهب الفتاح فی شرح تلخيص المفتاح، أبويعقوب المغربی (ضمن شروح التّلخيص)، ج 3، ص 291.[.

  و نَحْنُ نُشِيْرُ إِلَی بَيَانِهَا فِی الجُمْلَةِ، فِی طِی مَطَالِبَ أَرْبَعَةٍ ]و هي: التشبيه، والمجاز، والاستعارة، والكناية، علی ترتيبها فی الوجيزة، و قد أوفاها المؤلِّف حقّها فی إختصار.[، مُفْرِدِينَ للبَحْثِ عَنِ الاستِعَارَةِ فِی مَطْلبٍ علی حِدَةٍ.

فنقولُ:

 

المَطْلَبُ الأوّلُ فِی التَشْبيهِ ]ينظر في: أسرار البلاغة، الجرجاني؛ ص 64؛ و نهاية الإيجاز فی دراية الإعجاز، الرازي، ص 92؛ و مفتاح العلوم، السكاكي، ص 157؛ و أصول البلاغة، ميثم البحراني، ص 61؛ و حسن التّوسّل فی صناعة التّرسّل، شهاب الدين الحلبي، ص 106؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ص القزويني، ج 3، ص 213؛ و الطِّراز، حمزة العلوي، ص 125؛ المطوّل، التفتازاني، ص 516؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 291.[

وَ هُو تَشْرِيْك أَمْرٍ لآخرَ فِی مَعْنًی؛ بِأدَاةٍ ظَاهِرَةٍ، أَوْ مُقَدَّرَةٍ، عَلَی وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

فَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: المُشَبَّه، وَالمُشبَّه بِهِ، وَ وَجْهُ الشَّبَهِ، وَ أَدَاةُ التَّشْبِيْهِ.

والأوّلانِ ]يعني: (المشبه والمشبه به).[ إمّا: مَحْسُوسَانِ بِإِحْدَی الحَوَاسِّ الظّاهِرَة ِ]و هی الحواسّ الخمس الظّاهرة: البصر، والسّمع، واللمس، والذّوق، الشّمّ.[ ـ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ المَادَةِ ]المراد بالحسی الشّيء المُدركُ هو، أو مادّته، كما فی تشبيه الخدّ بالورد، والقدّ بالرّمح، والفيل بالجبل فی المبصرات، والصّوت الضّعيف بالهمس فی المسموعات، و النّكهة بالعنبر فی المشمومات، والرّيق بالخمر فی المذوقات، والجلد النّاعم بالحرير فی الملموسات. ينظر: الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 291؛ والطِّراز، العلوي، ص 128، و شروح التّلخيص، ج 3، ص 314.[ ـ ، أَوْ مَعْقُولانِ، أَوْ مُخْتَلِفَانِ.

وَ يُشْتَرَطُ فی الثّالِثِ ]أی: وجه الشّبه.[: أنْ يكُونَ لَهُ زِيَادةُ اخْتِصَاصٍ بالطَّرَفَينِ ]أی: المشبّه و المشبّه بِه.[ مَعَ قَصْدِ بَيَانِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ ] لأنه الصّفة، والمعنی الذی يفترض أن يشترك فيها الطرفان.[ وَ هُوَ ]يعني: وجه الشَبَه المتقدم. أی و يقسم وجه الشبه، و هو التقسيم الأول.[ إمّا: تَحْقِيْقِيّ، أَوْ تَخْييليّ.

وَ يَنْقَسِمُ ]العطف علی تقسيم وجه الشَبَه المُتقدّم.[ ]مَرّةً[ ]زيادة يقتضيها السّياق.[ أُخْرَی إِلَی: دَاخِلٍ فِی الطَّرَفَيْنِ ]هذه العبارة أوفی من عبارة الإيضاح، قال القزويني: «و هو إمّا غير خارج عن حقيقة الطّرفين أو خارج»، ج 2، ص 224.[، وَ خَارِجٍ. وَالخَارِج إمَّا: صِفَةٌ حَقِيْقِيَّةٌ مُتُقَرِّرَةٌ فِی الذَّاتِ، أَوْ إِضَافِيَّةٌ مُتُعَلِّقَةٌ بِشَيْئَيْنِ. وَالحَقِيْقِيَّةُ إِمّا: حِسّيّةٌ، أَوْ عَقْلِيَّةٌ، و]مَرّةً[ ]زيادة يقتضيها السّياق.[ أخْرَی] تقسيم آخر لـ(وجه الشبه).[ إِلَی: الوَاحِدِ؛ حِسّيّاً، أَوَ عَقْلِيّاً، وَالمُرَكَّبِ، وَالمُتَعَدِّدِ كَذَلِکَ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ.

وَالتَّشْبِيْهُ بِالوَجْهِ العَقْلِی أَعَمُّ مِنَ الحِسّيّ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ طَرَفَاهُ حِيْنَئِذٍ: عَقْلِيّينِ، أَوْ ]فی الأصل (واو)، و ما أثبتناه أنسب؛ لأن المطلب فی التّقسيم، و (أو)، هی الأداة التّی تستخدم فيه؛ تمشّياً مع السّياق..[ حِسّيينِ، أَوْ ]فی الأصل (واو)، و ما أثبتناه أنسب. [مُخْتَلِفَينِ، بِخِلافِ الحِسّي؛ فَإنّ طَرَفَيهِ ]فی الأصل كذا: (فإنّ طرفاه لايكونان إلا حسّيّين)، و هو خطأ نحوی، والصّحيح ما أثبتناه.[ لايَكُونَانِ إلّا حسّيّينِ.

وَ قَدْ يُنْتَزَعُ وَجْهُ الشَّبَهِ مِنْ نَفْسِ التَّضَادِّ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّنَاسُبِ] ينظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص 168؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، القزويني، ج 2، ص 265؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 381.[؛ لِتَمْلِيحٍ ]أي: ما فيه طرافة و ملاحة، يقال: مَلُحَ الشيءُ بالضمّ يَمْلح مُلوحَةً و مَلاحَةً أی حَسُنَ، فهو مَليحٌ، و اسْتَمْلَحَه: عَدَّهُ مَليحاً. و يقال: ملح الشّاعر، إذا جاء بشيء مليح. ينظر: الصّحاح الجوهري، مادّة (ملح)، ج 1، ص 597؛ و لسان العرب، مادّة (ملح)، ج 2، ص 599.[،  أَوْ (تَهَكُّمٍ) ]أي: استهزاء، و سخرية. من تهكّم: تكبّر. ينظر: لسان العرب: 12/617.[، كَمَا يُقَالُ للزّنْجِيّ: مَا أَشْبَهَهُ بِالكَافُورِ!.

وَ أَمّا أَدَاةُ التَّشْبِيْهِ: فَهِی كُلُّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ]علی التّشبيه.[ مِنَ الألْفَاظِ، كـَ : الكَافِ، وَ كَأنَّ، وَ مِثْل، وَشبه، وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُمَا ]من (مثل وشبه).[، وَ مَايُرَادفُهما. ]أي: و ما يؤدی دلالتها، و معناها فی المماثلة والمشابهة والمحاكاة و ما يضاهيها و غيرها.[.

وَ كَثِيْرَاً مَا يسْتَعْمَلُ كَأنّ ]لـ(كأنّ) أربعة معان: أحدها: و هو الغالب عليها، والمتفق عليه (التشبيه)، و هذا المعنی أطلقها لجمهور لكأنّ، و زعم جماعة منهم ابن السّيد البطليموسي: أنّه لايكون إلا إذا كان خبرها اسماًجامداً، نحو: كأنّ زيدا أسد. بخلاف: كأنّ زيدا قائم، أو فی الدّار أو عندك أو يقوم. فإنّها فی ذلك كلّه للظّنّ. والثّاني: الشّك والظّنّ، و حمل إبن الأنباری عليه: كأنّك بالشتاء مقبل أی أظنّه مقبلا. و الثّالث: التّحقيق، ذكره الكوفيون والزجاجي. والرابع: التّقريب قاله الكوفيون، و حملوا عليه: كأنك بالشتاء مقبل، و كأنك بالفرج آت، و كأنك بالدنيا لم‌تكن و بالآخرة لم‌تزل. ينظر: مغنی اللبيب، إبن هشام الأنصاري، ج 1، ص 253؛ بتصرف، و حروف المعاني، الزجاجي، ص 29؛ و أسرار العربية، إبن الأنباري، ص 149.[؛ عِنْدَ عَدَمِ التّيقّنِ بِثُبُوتِ الخَبَرِ مِنْ دُوْنِ قَصْدٍ إِلَی التَّشْبِيهِ ]أي: فی الشّكّ، فی حالة كونِ الخبرِ من المشتقات، كما سيأتي.[، ـ وَ إِنْ كَانَ الخَبَرُ جَامِدَاً، عَلَی الأظْهَرِ ]جاء فی المطوّل: «قال الزّجّاج: (كأنّ) للتشبيه إذا كان الخبر جامداً نحو: كأنّ زيداً أسد، أو للشك إذا كان مشتقّاً نحو: كأنّك قائم؛ لأن الخبر فی المعنی هو المشبه، والشّيء لايُشبّه بنفسه. و قيل إنه للتّشبيه مطلقاً، و مثل هذا علی حذف الموصوف أي: كأنك شخص قائم، لكن لما حذف الموصوف و جعل الإسم بسبب التشبيه، كأنه الخبر بعينه صار الضمير يعود إلی الاسم لا إلی الموصوف المقدر، نحو: كأنك قلت، و كأننی قلت، والحق أنه قد يستعمل عند الظن بثبوت الخبر من غير قصد إلی التشبيه، و سواء كان الخبر جامداً أو مشتقاً، نحو: كأن زيداً أخوك، كأنه فعل كذا، و هذا كثير فی كلام المولدين». المطوّل، التّفتاز اني، ص 538؛ و ينظر: شروح التّلخيص، ج 3، ص 386.[.

  وَالأكْثَرُ فِيمَا يَدْخُلُ ]من آلات التّشبيه و أدواته. قال علماء البلاغة: الأصل فی الكاف و نحوها مما يدخل علی المفرد من: مثل، و شبه، و مشابه، و مماثل، و نحو ذلك أن يليه المشبه به، بخلاف ما يدخل علی الجملة مثل: كأن أو ما يكون جملة بنفسه مثل: يشابه، أو يماثل، و غيرها. ينظر: الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 253؛ و شرح التّلخيص، البابرتي، ص 497؛ و المطوّل، ص 539؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 387.[ // عَلَی المُفْرَدِ أنْ يَلِيهُ المُشَبَّهُ بِهِ، وَلَوْ تَقْدِيْرَاً. ]ذكر المؤلّف التّقديری و لم يذكر اللفظيّ، كقوله تعالی: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِی ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ) سورة البقرة ألآية 17. أی: كمثل المستوقد. لوقوع الإشكال فی التقديري، فی نحو قوله تعالی: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِی آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) سورة البقرة، ألآية 19. و التقدير: أو كمثل ذوی صيّب، فحذف ذوی لدلالة قوله: (طيَجْعَلُونَ أصابِعَهُم فِی آذَانِهِمِ مِّنَ الصَّوَاعِقِ)، عليه، لأنّ هذه الضّمائر لابدّ لها من مرجع ترجع إليه و حُذف (مثل)؛ لقيام القرينة عليه، و هي: عطفه علی قوله تعالی: (مَثَلِ الَّذی اسْتَوقَدَنارَاً)، فالمثل المشبَّه بهِ قد وَلِی الكاف؛ لأنّ المقدّر فی حكم الملفوظ. قال التّفتازاني: «و إنّماجعلنا ذلك من قبيل ما وَلِی المشبَّه به الكاف لما ذكر فی الكشّاف، والإيضاح فيما لا يلی المشبّهبه الكاف كقوله تعالی: (إنّمَا مَثلُ الحَياةِ الدُّنيَا كَمآءٍ أنْزَلْنَاهُ»، سورة يونس، ألآية 24، إذ ليس المراد تشبيه حال الدّنيا بالماء و لا بمفرد آخر يتحمّل لتقديره فعلمنا أنه إذا كان المشبه به مفرداً مقدراً، فهو من قبيل ما وَلِی المشبَّه به…). المطوّل، ص 539؛ و ينظر: الكشّاف، الزّمخشري، ج 1، ص 79؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 235؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 387.[.

فصْلٌ

 فَائِدَةُ التَّشْبِيهِ ]تنظر في: مفتاح العلوم، ص 162، و الإيضاح فی علوم البلاغة،ج 2، ص 236؛ و الطِّراز،ص 131؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 390.[: إِمَّا تَعُودُ إِلَی المُشَبَّهِ، كَمَا هُوَ الأَغْلَبُ، أَوْ إِلَی المُشَبَّهِ بِهِ. وَ الفَائِدَةُ فِی الأَوّلِ ]أی: المشبّه.[ أَحَدُ أُمُورِ سَبْعَة:

الأوّل: أَنْ يُرَادَ أَنَّ المُشَبّه أَمْرٌ مُمْكِنُ الوُجُودِ لاَ سَبِيْلَ إِلَی ادّعاء امْتِنَاعِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يُرادَ بَيَانُ وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهِ.

الثَّالِث: أَنْ يُرادَ بَيَانُ مِقْدَارِ الوَصْفِ ]فی القوة والضّعف، أو الزّيادة والنّقصان.[.

الرّابِع: أَنْ يُرَادَ بَيَانُ تَقْرِيْرِ الوَصْفِ، وَ تَمْكِيْنِهِ فِی نَفْسِ السَّامِعِ.

الخَامِس: أَنْ يُرَادَ تَزيينُ المُشَبّهِ فِی عَيْنِ السَّامِعِ ]فی القوة والضّعف، أو الزّيادة والنّقصان.[.

السّادِس: أَنْ يُرَادَ تَقْبِيْحُهُ فِی عَيْنِهِ ]للتّنفير عنه.[.

السَّابِع: أَنْ يُرَادَ اسْتِطْرَافُهُ، وَ عَدُّهُ أَمْرَاً طَرِيْفَاً حَدِيْثاً، وَلَهُ وَجْهَانِ ]قال الدّسوقي: «الإستطراف من حيث هو له و جهان: الأول إبراز المشبه فی صورة الممتنعفی الخارج. والثاني: إبرازه فی صورة النادر الحضور فی الذّهن. و هما مفهومان مختلفان، و الثانی أعم منه، فيلزم من كون الشيء ممتنع الحصول فی الخارج ندرة حصوله فی الذّهندون العكس، فكّلما أُبرز المشبّه للسامع بصورة أحدهما حصل الإستطراف..». حاشية الدسوقی علی شرح المختصر للفتازاني، (ضمن شروح التّلخيص)، ج 3، ص 404؛ ينظر: مفتاح العلوم، السكاكي، ص 162؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 238. والمطوّل، ص 546.[.

و الأَغْرَاضُ الأرْبَعَةُ الأُوَلُ ]إمكان وجوده، و بيان وصفه و مقداره، و تقريره و تمكينه.[

مقتضيةٌ لأتمّية ]قال القزويني: «و هذه الوجوه تقتضی أن يكون وجه الشبه فی المشبه به أتمّ و هو به أشهر». الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 238.[ وَجه الشَّبَهِ، وَ أَشْهَرِيته فِی المُشَبّه بِهِ، بِخِلافِ الأَخِيْرَةِ ]تزيينه و تقبيحه فی نفس السّامع و استطرافه.[.

وِ فی الثَّانِی ]أي: الفائدة فی المشبّه به.[ أَحَدُ أَمْريْنِ: الأوّلُ: ادّعاءُ أَنَّ المُشَبَّهَ ]ظاهر عبارة المفتاح، ص 163، والإيضاح، ج 2، ص240: هو «إيهام أنّ المشبه به أتم من المشبه فی وجه الشبه»، و ليس كما ذكر المؤلّف، من: «إدّعاء أن المشبّه أكمل فی وجه الشبه من المشبّه به»؛ بيد أنّه لما كان الأمر تابع إلی بيان أهمية المشبّه به و وضوحه فی وجه الشبه، و كماله فی أحدهما جاز ذلك.[ أَكْمَلُ فِی وَجْهِ الشّبَهِ مِنْ المُشَبّه بِهِ وَحِيْنَئِذٍ، فَيُجْعَلُ النَّاقِصُ مُشَبَّهاً بِهِ، وَ يُسَمّی ذَلِکَ: بـِ : التشّبَيِهِ المَقْلُوبِ، كَمَا فِی تَشْبِيهِ : غُرّة الصُّبحِ بِوَجْهِ الخَلِيْفَةِ  ]من قول للشاعر أبی جعفر محمد بن وهيب الحميري، فی قصيدة يمدح بها المأمون العباسي، و هو:

و بَدَا الصباحُ كأنَّ غُرَّتهُ

وَجْهُ الخليفة حين يُمتدحُ]

من الكامل [ينظر البيت في: معجم الشعراء، المرزباني، ص 358 و أسرار البلاغة، الجرجاني، ص 194، و أصول ‌البلاغة، ميثم البحرانی، ص 64؛ و حسن التّوسّل فی صناعة التّرسّل، شهاب‌الدين الحلبي، ص 123؛ و نهاية الأرب، النويري، ج 7، ص 47؛ و الطِّراز، العلوي، ص 167؛ و مفتاح‌العلوم، ص 164؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 240. و معاهد التنصيص، عبدالرحيم العباسي، ص 153. والغرّة هي: البياض الذی فی الجبهة، و غرة كل شيء أكرمه، و خياره، و أصله: من الغُر و هو الأثر الظّاهر. ينظر: مفردات ألفاظ القُرآن، الإصفهاني، ص 603، و مجمع البحرين، الطّريحي، ج 2، ص 302. والشّاهد فيه: جعله للفرع أصلاً، والعكس.[.

 الثَّانِي: بَيَانُ أَنَّ الاِهْتِمامَ بِالمُشَبَّهِ بِهِ أَكْثَرُ،كَمَا فِی تَشْبِيهِ الجَائعِ: (وَجْهَاً كَالبَدْرِ بِالرَّغِيفِ) ]كالبدر بالإشراق، و الاستدارة بالرغيف؛ إظهاراً للاهتمام بشأن المشبّه به. قال السّكاكی: «و لا يحسن المصير إليه إلّا فی مقام الطمع؛ فی تسنّی المطلوب…». مفتاح العلوم: 164.[، وَ يُسَمّی:

ذَلِکَ بـِ : إظْهَارِ المَطْلوبِ.

وَالأَوْلَی فِيمَا أُرِيْدَ الجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِی مَعْنًی مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَی بَيَانِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا نَاقِصَآ، أَوْ زَائِدَاً ]فی وجه الشّبه.[، ـ تَرْكُ التَّشْبِيهِ، وَالتَّصْرِيْحِ بِالتَّشَابُهِ. ]لكی يكون كلّ واحد من الطرفين مشبّهاً و مشبّهاً به؛ احترازاً من ترجيح أحد المتساويين علی الآخر. ينظر: الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 242، و ينظر مفتاح العلوم، ص 164، و شروح التّلخيص، ج 3، ص 432؛ و المطوّل، ص 547.[.

فصْلٌ

 إِنْ كَانَ الطَّرَفَانِ مُفْرَدَيْنِ، فَتَشْبِيْهٌ مُفْرَد بِمُفْرَدٍ، سَوَآءٌ كَانَا مُقَيَّدَيْنِ، أَوْ غَيْرَ مُقَيَّدَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. وَ إِنْ كَانَا مُرَكَّبَيْنِ، فَمُرَكَّبٌ بِمُرَكَّبٍ. وَ إِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَمُفْرَدٌ بِمُرَكَّبٍ، وَ بِالعَكْسِ. وَ إِنْ كَانَا مُتَعَدِّدَيْنِ، فَإنْ تَرَتَّبَ المُشَبَّهُ بِهَا عَلَی المُشَبَّهاتِ المَذْكُوْرَةِ، أوّلاً، بِعَطْفٍ، وَ نَحْوهِ، فـَ(التَّشبِيهُ مَلْفُوفٌ)، وَ إِلاَّ، فـَ(مَفْرُوقٌ). وَ إِنْ كَانَ المُشَبّهُ خَاصّة ]دون المشبّه به.[ مُتَعَدِّداً، فـَ(تَشْبِيْهُ التّسْوِيَةِ)، و إِنْ كَانَ المُشَبّهُ بِهِ كَذَلِكَ، فـَ(تَشْبِيهُ الجَمْعِ).

وَ إِنْ كَانَ وَجْهُ الشَّبَهِ مُنْتَزَعَاً مِنْ مُتَعَدِّدٍ ]تقسيم آخر بحسب ملاحظة وجه الشبه.[ ، فـَ(تَمْثِيْلٌ)، وَ إِلاَّ فَغَيْرُهُ ]أو: غير تمثيل.[، وَ لِلسّكّاكی ]هو سراج الدين أبو يعقوب يوسف بن أبی بكر محمد بن علی السّكاكی من أهل خوارزم، علّامة إمام فی العربيّة، والأدب و فنونه، متكلّم فقيه، متفنن فی علوم شتّی، و هو أحد أفاضل العصر الذين سارت بذكرهم الركبان، ولد سنة 554 هـ ، و صنّف مفتاح العلوم فی إثنی عشر علماً، أحسن فيه كل الإحسان، توّفی فی خوارزم، سنة 626 هـ . ينظر: ترجمته فی معجم الأدباء، الحموي، ج 19، ص 58؛ و بغية الوعاة فی طبقات النحاة، السيوطي، ص 776؛ و شذرات الذهب، ابن عماد الحنفي، ج 3، ص 122؛ و كشف الظّنون، حاجی خليفة، ج 2، ص 1762؛ و مفتاح السّعادة، طاش كبری زادة، ج 1، ص 163؛ و الأعلام، الزركلي، ج 8، ص 222؛ و معجم المؤلّفين، عمر كحّالة، ج 13، ص 282.[ اصْطِلاحٌ آخَرُ ]خالف السّكاكی جمهور البلاغيين فی تقييد التّشبيه التّمثيلی بغير الحقيقی مع إطلاقهم له، قال: «اعلم أنّ التّشبيه متی كان وجهه وصفاً غير حقيقي، و كان منتزعاً من عدّة أمور خصّ بإسم التمثيل…»، و مثّل له بأمثلة، منها قوله تعالی: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِی اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِی ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ). سورة البقرة، ألآية 17. قال: «فإنّوجه تشبيه المنافقين بالذين شبهوا بهم فی الآية هو رفع الطمع إلی تسنی مطلوب بسبب مباشرة أسبابه القريبة مع تعقب الحرمان، والخيبة؛ لإنقلاب الأسباب، و أنه أمر توهّمی كماتری منتزعمن أمور جمّة، و كالذی فی قوله تعالی، أيضاً: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِی آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ)؛ سورة البقرة، ألآية 19؛ مفتاح العلوم، ص 164 ـ 165 و ينظر: الإيضاح، ج 2، ص 249.[.

وَ إنْ ذُكِرَ وَجْهُ الشَّبَهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِلازَمهِ، فـَ(مُفَصَّلٌ)، وَإِلّا فـَ(مُجْمَلٌ مُطْلَقاً)، سَوَآءٌ كَانَ الوَجْهُ ظَاهِرَاً أَوْ خَفِيَّتاً، و سَوآءٌ ذُكِرَ وَصْفُ الطَّرَفَيَنِ ]أي: فی الوصف الذّی يكون فيه إشارة إلی وجه الشبه.[، أَوْ أَحَدُهمَا، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ أَصْلاً. ]العطف هنا علی التشبيه المجمل؛ لبيان تقسيمه، و أنواعه.[.

وَ إِنِ انْتَقَلَ فِيْهِ ]أي: وجه الشبه، و هو تقسيم آخر له.[ مِنَ المُشَبّهِ إِلَی المُشَبَّهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَی تدْقِيْقٍ، فالتشبيهُ: قَرِيْبٌ مُبْتَذَلٌ مُطْلَقاً)، سَواءٌ كَانَ ظُهُورُ وَجْهِ الشَّبَهِ لإِجْمَالهِ، أَوْ لِقِلّةِ تَفْصِيْلِهِ مَعَ غَلَبَةِ حُضُورِ المُشَبَّهِ بِهِ فِی الذّهْنِ ]هذه هی الأسباب الداعية لذلك، و هي: الإجمال والتفصيل. ينظر: الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 252 ـ 253..[، وَ إِلّا فـَ(بَعِيْدٌ غَرِيْبٌ).

وَ قَدْ يَتَحَوّلُ (القَرِيْبُ) إِلَی (الغَرِيْبِ)؛ بِتَصَرُّفٍ فِی التَشْبيهِ، فَإِنْ كَانَ بِشَرطٍ: وُجُودِيّ، أَوْ عَدَمِيّ، فَهُوَ: (المَشْرُوطُ).

وَالَمحْذُوفُ// أدَاة التَّشْبِيْه فِيْهِ ]تقسيم بحسب الأداة وجوداً و عدماً.[: (مُؤَكّدٌ)، كَمَا أَنَّ المَذْكُورَ فِيْهِ ذلك: (مُرْسَلٌ) ]لإرساله عن التأكيد.[.

وَالوَافِی بِإفادة الغَرَضِ مَقْبُولٌ، وَ غَيْرُ الوَافِی مَرْدُودٌ ]و هو تقسيم باحتساب الغرض، يقول القزويني: «المقبول الوافی بإفادة الغرض كأن يكون المشبّه به أعرف شيء بوجه الشبه إذا كان الغرض بيان حال المشبّه من جهة وجه الشّبه أو بيان المقدار، ثمّ الطّرفان فی الثّانی إذا تساويا فی وجه الشّبه فالشبيه كامل فی القبول و إلا فكلّما كان المشبّه به أسلم من الزّيادة والنّقصان كان أقرب إلی الكمال، أو كأن يكون المشبّه به أتمّ شيء فيوجه الشّبه إذا قصد إلحاق الناقص بالكامل، أو كأن يكون المشبّه به مسلّم الحكم معروفة عند المخاطب فی وجه الشبه إذا كان الغرض بيان إمكان الوجود؛ والمردود بخلاف ذلك، أی القاصر عن إفادة الغرض». الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 262؛ و شروح التّلخيص، ج 3، ص 467.[.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَقْوَی مَرَاتِبِ التَّشْبِيِه، وَ أَبْلَغَهَا، مَا حُذِفَت ]رسمت فی الأصل كذا: (حُذِف)، علی الرّغم من تأنيث الفاعل، و ما أثبتناه أنسب.[ مِنْهُ الأَدَاةُ، وَ وَجْهُ الشَّبَه، ثُمَّ مَا حُذِفَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا، بَلْ لاَ قُوةَ فِی غَيْرِهِمَا.

المَطْلَبُ الثَّانِی فِی المَجَاز ]ينظر في: أسرار البلاغة، ص 303؛ و نهاية الإيجاز، ص 81؛ و مفتاح العلوم، ص 68؛ و أصول البلاغة، ص 57؛ و حسن التّوسّل فی صناعة التّرسّل، ص 104؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 266؛ و الطِّراز، ص 23؛ و المطوّل، ص 567؛ و الإتقان فی علوم القُرآن، السيوطي، ج 3، ص 71؛ و شروح التّلخيص، ج 4، ص 2.[

 وَحَدّهُ مَعْرُوفٌ كَالحَقِيْقَةِ ]و هی الكلمة المستعملة فی المعنی الموضوع لها علی وجه التّخاطب. ينظر: الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 265.[، وَ لاَبُدَّ فِيْهِ مِنْ قَرِيْنَةٍ مَانِعةٍ عَن إِرَادَةِ المَعْنَی المَوْضُوعِ لَهُ اللفْظُ: مُتَّصِلَةٍ، أَوْ مُنْفَصِلَةٍ: لَفْظِيّةٍ، أَوْ عَقْلِيّةٍ. و مَن مُنَاسَبَةٍ للمَعْنَی المَذْكُورِ عَلَی وَجْه ظَاهِرٍ، وَ تُسَمَّی بـِ(العلاقَةِ)، وَالمُعْتَبَرُ فِيْهَا عَلَی الأقْوَی مَا يَعُدّهُ الذّوقُ السّليمُ عَلاقةً، فَلا تَنْحَصِرُ فِيْمَا ذَكَرُوهُ ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 172؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 270؛ و الطِّراز، ص 35 ـ 37؛ و الإتقان فی علوم القُرآن، السيوطي، ج 3، ص 72؛ و شروح التّلخيص، ج 4، ص 32، و بعدها.[ مِنَ: المُشَابَهَة، وَالمُلازَمَةِ، وَالكُلّيّة، وَالجُزْئِيّةِ، وَالسّبَبِيَّةِ، وَالمُسَبّبيّةِ، وَالآلَةِ، وَالأَوْلِ ] أي: تسمية الشّيء بإسم ما يؤول إليه، من آلَ إليهِ يَؤُولُ أَوْلّا و مَآلاً: رَجَعَ أو صار إليه، و منه قولُهم: فُلانٌ يَؤُولُ إلی كرمٍ.. و الأوْلُ: الرجوع. و أَوَّل إِليه الشيءَ: رَجَعَه. و أُلْتُ عن الشيء: ارتددت. ينظر: لسان العرب، ج 11، ص 32.[، وَالمَحَلّ، وَ غَيرِ ذَلِکَ ]قال التفتازانی معلّقاً علی قول التّلخيص فی تعدّدية العلاقة: «أنواع العلاقة المعتبرة كثيرة ترتقی ما ذكروه إلی خمسة و عشرين، والمصنف (يعني: القزويني) قد أورد… تسعة..» المطول، ص 576. و ينظر: الإيضاح، ج 2، ص 266؛ و الطراز، ص 35.[، بَل الُمحَاكَمَةُ فِی ذَلِکَ إِلَی العُرْفِ، والذّوقِ ]لأن الملحظ فی نوعية المجاز موضوع بالوضع النّوعي، لا بالوضع الشخصي. ينظر: المطوّل، ص 576.[.

 ثُمّ إنْ كانتِ العلاقَةُ هِی المُشَابَهَةَ، فـَ(المَجَازُ إسْتِعَارَةٌ) ـ يَأتِی بَيانُهَا ـ وَإلّا، فـَ(مُرْسَلٌ).

و إِنْ كَانَ التّصرفُ فِی أَمْرٍ عَقْلِيّ، ]فالمجاز عقليٌّ[ وَ إِنْ كانَ فِی اللفظِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِی غَيْرِ المَوْضُوعِ لَهُ عَلَی الوَجهِ الخَاصِّ ]فی العلاقة الملاحظة، فی كونها غيرَ المشابهة.[ خَاصّة، ـ فـَ(لُغَويٌ). وَ هَل الإسْتِعَارَةُ مِنَ القِسْمِ الأوّلِ ]النوع العقلی.[، أَو الثَّانِی ]النوع اللغوی.[. خِلافٌ ]اختلف علماء البلاغة فی الإستعارة، هل هی من المجاز اللغوی أو العقلي؟. فذهب الجمهورإلی أنّها مجاز لغويّ، بمعنی: أنّها لفظ استعمل فی غير الموضوع له؛ لعلاقة المشابهة؛ و استدلّوا علی ذلك بأن قالوا: إنّ اللفظ المسمّی بالإستعارة هو ما وضع للمشبّه به و ليس للمشبه و لا للأعمّ منهما. كالأسد فإنّه موضوع للسبع المخصوص لا للرجل الشُّجاع و لا لمعنی أعمّ منهما (السّبع والرجل) كالحيوان المجترئ مثلاً، فيكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان علی الأسد والرّجل. قال التّفتازاني: «و هذا معلوم قطعاً بالنّقل عن أئمة الُلغة، فحِيْنَئِذٍ يكون استعماله فی المشبّه استعمالاً فی غير ما وضع له، مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضع له فيكون مجازاً لغويّاً..». شرح المختصر، ج 4، ص 58. و قيل: أنّ الإستعارة مجاز عقليّ، بمعنی: أنّ التّصرف فيها فی ذات أمر عقلی لا لغوي. و استدلوا عليه فی أنها «لاتطلق علی المشبه إلا بعد ادعاء دخوله فی جنس المشبه به؛ لأن نقل الإسم وحده لو كان إستعارة لكانت الأعلام المنقولة كـ«يزيد» و «يشكر» إستعارة و لما كانت الإستعارة أبلغ من الحقيقة؛ لأنه لابلاغة فی إطلاق الإسم المجرد عارياً عن معناه، و لما صحّ أن يقال لمن قال: «رأيت أسداً»، يعنی زيداً: أنه جعله أسداً، كما لايقال لمن سمی ولده أسداً: إنه جعله أسداً، لأن «جعل» إذا تعدی إلی مفعولين كان بمعنی «صيّر» فأفاد إثبات صفة للشيء؛ فلاتقول «جعلته أميراً» إلا علی معنی أنك أثبتّ له صفة الأمارة، و عليه قوله تعالی: (وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا)؛ سورة الزخرف، الآية 19؛ المعنی أنهم أثبتوا صفة الأنوثة، واعتقدوا وجودها فيهم، و عن هذا الإعتقاد صدر عنهم للملائكة إطلاق اسم الإناث عليهم، لا أنّهم أطلقوه من غير اعتقاد ثبوت معناه لهم، بدليل قوله تعالی: (أَشهِدُوا خَلْقَهُمْ). و إذا كان نقل الإسم تبعاً لنقل المعنی كان الإسم مستعملاً فيما وضع له،…». الإيضاح، ج 2، ص 284؛ و ينظر: مفتاح العلوم، ص 175؛ و عروس الأفراح، السبكي، (ضمن شروح التلخيص)، ج 4، ص 59؛ و شرح البابرتي، ص 556. و المطوّل، ص 583؛ و شروح التّلخيص، ج 4، ص 56.[.

والمُتَغيّرُ حُكْمُ إعْرَابِهَا ]أي: حكمها الذی هو الإعراب فالإضافة للبيان والمعنی، أي: تغيير إعرابها من نوع إلی آخر.[ بِحَذْفِ لَفْظٍ ]أكان المحذوف حرفاً، أو فعلاً، أو اسماً، كقوله تعالی: (وَ جَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًا صَفًّا)؛ سورة الفجر، الآية 22. و قوله سبحانه: (وَ اسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِی كُنَّا فِيهَا)؛ سورة يوسف، الآية 82. أي: (أمر ربّك)؛ لإستحالة المجيء عليه سبحانه، و سؤال (أهل القرية).. إذ حذف المضاف، و أقيم المضاف إليه مكانه، فتغيير حكم إعرابها من الجر إلی الرفع فی الأول «ربك». و منه إلی النصب فی الثانی «القرية». ينظر: الإيضاح، ج 2، ص 318؛ و شروح التّلخيص، ج 4، ص 232.[، أَوْ زِيَادَتِهِ ]كقوله تعالی: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)؛ سورة الشوری، الآية 11. علی القول بزيادة الكاف و قد تغيّر الحكم الأصلی لـ(مثله)؛ من النصب؛ لأنه خبر (ليس) إلی الجرّ. ينظر: شروح التّلخيص، ج 4، ص 232.[، مَجَازٌ فِی الإعْرَابِ ]قال القزويني: «اعلم أنّ الكلمة كما توصف بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلی كما مضی؛ توصف به أيضاً لنقلها عن إعرابها الأصلی إلی غيره؛ لحذف لفظ، أو زيادة لفظ». الإيضاح، ج 2،ص 317.[، وَ يُعْرَفُ الأوّلُ بـ(مَجَازِ الحَذْفِ)، أَيْضَاً.

وَ هَل المَوصُوفُ بِالمَجَازِيّةِ هُوَ نفسُ الإعْرَابِ، أَو الكَلِمَة؟ وَجْهَانِ ]وجّه شرّاح التّلخيص ظاهر عبارة مفتاح العلوم أنّ الموصوف بهذا النّوع من المجاز هو نفس الإعراب، و ذهب القزوينی إلی أنّه الكلمة. قال أبو يعقوب المغربي: «ليس المسمّی بالمجاز إعراب هذه الكلمات، بل المسمّی هو تلك الكلمات إما لمشابهتها بالمجاز المعرّف فيما تقدّم فی نقل كل من إعراب هو أصل إلی غيره و إستعماله فيه كنقل المجاز من معنی إلی آخر، و إمّا للاشتراك اللفظی بسبب وجود ما به التشابه المذكور… و ظاهر عبارة المفتاح أنّ الموصوف بالتّجوّز المذكور والمسمّی بلفظ المجاز هو نفس الإعراب… و ما ذكره المصنّف (يعنی: القزويني) أنّ المسمّی بالمجاز والموصوف بالتّجوّز هو الكلمة المعربة لا إعرابها هو الأقرب..». مواهب الفتاح، (ضمن شروح التّلخيص)، ج 4، ص 234؛ و ينظر: مفتاح العلوم، ص 185؛ و الإيضاح، ج 2، ص 317؛ و المطوّل، ص 628. علی أن فی الموضوع توجيها آخر، اذ ذكر القزوينی أن الشيخ عبد القاهر الجرجانی قد بالغ «فی النكير علی من أطلق القول بوصف الكلمة بالمجاز للحذف أو الزيادة». الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 318. و ينظر: أسرار البلاغة، ص 362. والرأی عند السكاكی أن هذا النوع لايعد مجازا، و إنما هو ملحق به، قال: «و رأيی فی هذا النوع أن يعد ملحقا بالمجاز و مشبّهاً به لمابينهما من التشبه و هو اشتراكهما فی التعدی عن الأصل لا أن يعد مجازا…». مفتاح العلوم، ص 185..[، وَ فِی تَرْجِيْحِ أحدِ المحتملات فی الحَذْفِ تَفْصِيْلٌ مَسْطُورٌ فِی بَعْضِ كُتُبِ النّحْوِ ]ينظر المسألة في: شرح المفصل، ابن يعيش، ج 3، 24؛ و الإيضاح فی شرح المفصل، ابن الحاجب،ج 1، ص 420؛ و شرح التّسهيل، ابن مالك، ج 3، ص 112؛ و شرح ابن النّاظم، ص 285؛ و همع الهوامع، السّيوطي، ج 2، ص 519؛ و حاشية الصّبان علی شرح الأشموني، ج 2، ص 410.[، وَ لا مُحْتَمَلَ للحذف إلا بِالْقَرِيْنَةِ الحَالِيَّةِ، أَو المقاليّةِ؛ لِكونهِ خِلافَ الأَصْلِ، وَ لِذَا يَنْبَغِی تَقْلِيْلُهُ مَا أَمْكَنْ.

وَ لِتَفْصِيْلِ هَذِهِ المَسْأَلَةِ مَحَلٌ آخَرُ، وَ قَدْ بَسَطَ الكَلامَ فِيْهَا ابنُ هِشَام ]هو جمال الدّين أبو محمد عبدالله بن يوسف بن أحمد بن هشام الأنصاری الحنبلی النّحوي، كان بارعاً فی عدة علوم، لاسيّما العربيّة فإنّه كان فارسها و مالك زمامها، توفی سنة إحدی و ستّين و سبعمائة. و دفن بمقابر الصّوفية خارج باب النصر من القاهرة، و له من التّصانيف: الشّرح علی ألفية ابن مالك فی النحو المسمّی “بالتوضيح”، و شرح “البردة” و شرح “بانت سعاد”و كتاب “المغني” و غير ذلك. ينظر: ترجمته في: الدّرر الكامنة، ابن حجر، ج 2، ص 310،308؛ النّجوم الزاهرة، ابن تغری بردي، ج 10، ص 761، و بغية الوعاة، ص 541 ـ 542؛ و شذرات الذّهب، ابن العماد، ج 6، ص 191، 291؛ مفتاح السعادة، طاش كبری زاده، ج 1، ص 159 ـ 160، و كشّف الظنون، حاجی خليفة، ص 124، 154، 406. و معجم المؤلفين، ج 6، ص 163.[ فِی (المُغْنِي) ]المسالة فی مغنی اللبيب عن كتب الأعاريب تحت موضوع (ذكر أماكن من الحذف يتمرنبها معرب)، ج 2، ص 811، وفی (الباب السادس: فی التّحذير من أمور اشتهرت بين المعربين، والصّواب خلافها)، ج 2، ص 856.[.

المطلبُ الثّالثُ فِی الاسْتِعَارَةِ ]تنظر في: دلائل الإعجاز، الجرجاني، ص 333؛ أسرار البلاغة، ص 22؛ نهاية الإيجاز، ص 115؛ مفتاح العلوم، ص 174؛ أصول البلاغة، ص 66؛ حسن التّوسّل فی صناعة التّرسّل، ص 126؛ الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 280؛ الطِّراز، ص 96؛ المطوّل، ص 578؛ الإتقان فی علوم القُرآن، السيوطي، ج 3، ص 88؛ شروح التّلخيص، ج 4، ص 30.[

 وَ هِی ـ كَمَا عَرَفْتَ ـ مَجَازٌ، عَلاقتُهُ المُشَابَهَةُ وَ وَجْهُ المبالغةِ فِيْهَا، دَعْوَی ]و هی دعوی قائمة علی إدخال المشبّه فی جنس المشبّه به.[ قِسْمَةِ المُشَبّهِ بِهِ إِلَی فَرْدَيْنِ: مُتَعَارَف ]مستعمل فی شيء ذاتاً و دلالة.[، وَ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ ]أی فی استعماله فی غير ما وضع له مع قرينة مانعة من إرادة المعنی المتعارف؛ لتعيين غير المتعارف، فيكون فی معناها دون ذاته المخصوصة، كلفظ: أسد مثلاً. ينظر: شروح التّلخيص، ج 4، ص 65. [، وِ لِذَا لاتَكُونُ ]فی الأصل كذا: «يكون»، علی الرغم من أن السّياق هو الكلام من الاستعارة. و كذا أنسب مراعاة لذلك.[ عَلَمَاً ]لان العَلَمَ يذا فی الجنسيةَ والعموم.[ إلا إِذَا تَضَمّنَ نَوعَ وَصْفِيّةٍ ]ينظر: تلخيص المفتاح (ضمن شروح التّلخيص)، ج 4، ص 70.[؛ فَيَكُونُ مَفْهُومُهُ حِيْنَئِذٍ عَامّاً قَابِلاً لِلقِسْمَةِ المَذْكُورَةِ ]التعارف، و غير التّعارف فی المشبّه به.[، وَ لابُدَّ فِيْهَا ]فی الاستعارة.[ مِنْ قَرِيْنَةٍ؛ لِكَونِهَا مَجَازَاً، و هي: إمّا: أَمْرٌ واحدٌ، أَوْ مُركّبٌ مِن أُمورٍ يَصْلُحُ كَلّ وَاحِدٍ مِنْهَا للقرينةِ، أَوْ مِن أُمورٍ لايَصْلحُ إلا مَجموعُها لِذَلِکَ.

وَ يُسَمَّی المُشَبّه بِهِ: مُسْتَعارَاً مِنْهُ، والمُشبّه: مُسْتَعَارَاً لَهُ، وَاللفظُ المَوضوعُ للأوّلِ المُسْتَعْمَلِ فِی الثَّانِي: مُسْتَعَاراً. وَ وَجْهُ الشّبَهِ قَدْ يَكونُ مُنْتَزَعَاً مِن أُمُورٍ// مُتَعَدِّدةٍ، فَيُسَمّی: بـِ(التَمْثيلِ) عَلی سَبيلِ الاسْتِعَارَةِ، وَ بـ(المَجَازِ المُرَكَّبِ).

فَإِنِ اشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَی الوَجْهِ المَذْكُورِ ]أی سبيل الإستعارة لا علی معنی التشبيه الأصلی.[، فَبـِ(المَثَلِ)، وَ لاتَغييرَ فِيْهِ ]فی الأمثال.[ أَصْلاً، وَ إنْ فَالَفَ المَضْرَبُ لِلْمَوْرِدِ ]أی لمورد مضرب المثل المذكور، فينظر إلی مورده. ينظر: المطوّل، ص 605. [تَذْكِيْرَاً، وَ تَأنِيْثَاً، وَ نَحوِ ذَلِکَ ]أي: إفراداً، أو تثنيةً، أو جمعاً.[.

وَالوَجهُ فِيْهِ: أنّ الاسْتِعَارَةَ لابُدَّ فِيْهَا مِنِ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ المُشَبَّهِ بهِ، كَمَا هُو فِی المُشبّهِ وَالمغيّر لَيْسَ بِنَفْسِ لَفظِ المشبّهِ بِهِ ]ينظر: المطوّل، ص 605.[ وَ لا كَذبَ فِی الاسْتِعَارَةِ؛ لِمَكَانِ القَرِيْنَةِ، وَالتّأويْلِ فِيَهَا دُونَهُ ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 176؛ الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 287؛ المطوّل، ص 605.[.

فصْلٌ

 إِنْ أَمْكَن اجتماعُ طَرَفَی الاسْتِعَارَةِ فِی شَيءٍ، فَهِيَ: (وِفَاقِيَّةٌ)، و إنْ اِمْتَنَعَ، فـَ(عِنَادِيَّةٌ: تَهَكُّميَّةٌ، أَوْ تَمْلِيْحِيَّةٌ)، إنْ كَانَ الاسْتِعْمَالُ فِی الضّدِّ أَوِ النَّقِيْضِ.

والجَامِعُ ] الذی يشترك فيه الطرفان: المستعار والمستعار له كالذی يسمی فی التشبيه وجهاً. أی: و يقسم علی أساسه.[  إنْ كَانَ ظَاهرِاً، يَفْهَمُهُ العَامّةُ، فَهِيَ: (مُبْتَذِلَةٌ)، وَ إلّا، فـَ(غَرِيْبَةٌ).

وَالمُستَعَارُ إنْ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ، فـَ(أَصْلِيَّةٌ)، وَ إلّا، فـَ(تَبَعيّةٌ)، كَمَا فِی المُشْتَقّاتِ ]كالفعل و ما يُشْتَقُ منه من اسمی الفاعل و المفعول و غيرها.[، والحرفِ ]فی الأصل: (الحرف). و هو خلاف السّياق، إذ جمع المشتقّات يقتضی جمع معطوفها فيعرض المطلب. و هو ظاهر عبارة المفتاح، ص 180، والإيضاح، ج 2، ص 298، و شرّاح التّلخيص، 4، ص 112، فی ذكر «المشتقّات والحروف». و كذا أنسب.[ .

 و إنْ لَمْتَقْتَرِنِ الاِسْتِعَارَةُ بِمَا يُلائِمُ أَحَدَ طَرَفَيْهَا مِنْ صِفَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ ]أي: الصّفة القائمة فی غيرها كما هی فی مبحث القصر البلاغيّ، و ليس النّعت النّحويّفی التّوابعِ.[، أَوْ تَفْرِيْعٍ ]أي: تفريع كلام يلائم الطرفين: المستعار له والمستعار منه.[، فَهِی: (مُطْلَقَةٌ).

 وَ إنِ اِقَتَرنَتْ بِمَا يُلائمُ المُسْتَعَارَ لَهُ خَاصّةً، فـَ(مُجَرّدَةٌ)، وَ بِمَا يُلائمُ المُسْتَعَارَ مِنْهُ كَذَلِکَ، فـَ(مُرَشَّحَةٌ)، وَ هِی أَبْلغُ ]من المطلقة والمجرّدة؛ بناءً علی الدّعوة المتقدّمة فی إدخال المشبّه فی جنس المشبّه به، و تحقيق قسمة التّعارف و عدمه.[؛ لِدَلالَتِهَا عَلَی أَنَّ المُسْتَعَارَ لَهُ نَفْسُ المُسْتَعَارِ مِنْهُ؛ وَ لِذَا يَصِحّ التّعَجُّبُ ]فی إثبات وصف يمتنع ثبوته للمستعار منه، فی قول أبی الفضل ابن العميد (ت 360 هـ): قامت تظلّلنی من الشّمسِ نَفْسٌ أَعزّ عَلَیَّ مِن نَفْسی قامت تظلّلنی و من عَجَبٍ شمسٌ تظللنی مِنَ الشَّمسِ ]من الكامل[ قال التفتازاني: «و يروی فأقول: يا عجباً و من عجب (الشّمس) أی: إنسان كالشّمس فی الحسنوا لبهاء (تظلّلني) فلولا أنّه إدّعی له معنی الشّمس الحقيقي، و جعله شمسا علی الحقيقة لما كان لهذا التعجب معنی؛ إذ لا تعجب فی أن يظلّ إنسان حسن الوجه إنساناً آخر..»؛ المطوّل، ص 585؛ و لهذا صحّ النّهی عن التّعجّب فی البيت التّالي، فی قول ابن طباطبا العلوي، فی الهامش. ينظر البيتين في: أسرار البلاغة، ص 246، نهاية الإيجاز، ص 125؛ الإيضاح، 2، ص 282؛ الطراز، ص 98؛ المطول، ص 585؛ شروح التلخيص، ج 4، ص 63.[، والنَّهْیُ عَنْهُ ]فی إثبات خاصة من خواصّه لمستعار منه، فی النّهی عنه فی قول ابن طباطبا العلوی (ت322 هـ): لاتعجبوا من بلی غلالته قد زر أزراره علی القمر ]من البسيط[ يقال: «زرت القميص عليه أزره إذا شددت أزراره عليه، فلولا أنه جعله قمراً حقيقياً لما كان للنهی عن التعجب معنی؛ لأن الكتان إنما يسرع بسبب ملابسة القمر الحقيقي، لا بسبب ملابسة إنسان كالقمر فی الحسن..» المطوّل، ص 585؛ ينظر: البيت فی أسرار البلاغة، ص 265؛ نهاية الإيجاز، ص 125؛ الإيضاح، ج 2، ص 286؛ الطِّراز، ص 99؛ المطوّل، ص 585؛ و شروح التّلخيص، ج 4، ص 64. ورد هذا القول بالنقض فقال القزويني: «إنّ إدّعاء دخول المشبه فيجنس المشبه به لايخرج اللفظ عن كونه مستعملاً فی غير ما وضع له، و أمّا التّعجب والنّهی عنه فيما ذُكِرَ فلبناء الاستعارة علی تناسی التشبيه؛ قضاءً لحق المبالغة،..». الإيضاح، ج 2، ص 286.[.

وَ إِنْ أُضْمِرَ التّشبيهُ فِی النّفسِ، وَلَمْ يُذْكَرْ مِنْ أَرْكَانِهِ سِوَی المُشَبَّهِ، وَلَكن ]الإستدراك ردّاً علی إشكال يتجلّی فی جدليّة التفتازاني، قال: «فإن قلت: قد سبق فی التشبيه أن ذكر الشبه به واجب ألبتة،.. قلت: ذلك فی الشبيه المصطلح، و قد سبق أن المراد به غير الاستعارة بالكناية..»، المطوّل، ص 606، و الدليل إثبات الاختصاص.[ أُثبتَ لَه ]أی: بالمشبّه به.[ مايَخْتَصُّ بِالمُشَبّهِ بِهِ، فَاَسْتِعَارَةٌ بـ(الكِنَايةِ)، وَ قَدْ يُسمَّی بـِ(الاسْتِعَارَةِ المُكَنَّی عَنْهَا)، وَإثْبَاتِ هَذَا المُخْتَصِّ بِهِ ]أی: بالمشبّه.[ لَهُ ]أی: لمشبّه.[، اسْتِعَارَةٌ (تَخْييلِيَّةٌ)، فَبَيْنَهُمَا مُلازَمَةٌ، وَ لِلْسَّكَاكِی ]تقدّمت ترجمته.[ اصطِلاحٌ آخَر ]سمّی السّكاكی الاستعارة فی موضوع تقسيمها بالمصرح بها المحتملة للتحقيق والتّخييل، و قال: «و هی أن يكون المشبه المتروك صالح الحمل علی ما له تحقّق من وجه و علی ما لاتحقق له من وجه آخر..» مفتاح العلوم، ص 178.[ حَيْثُ قَسّمَ ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 176.[ الاِسْتِعَارَةَ إِلَی: (المُصَرَّحِ بِهَا): وَ هُوَ مَا يَكُونُ الطّرَفُ المَذْكُورُ فِيْهِ هُوَ المُشَبَّه بِهِ، وَ (المُكَنّی عَنْهَا): وَ هُوَ مَا يَكُونُ المَذْكُورُ فِيْهِ هُوَ المُشَبّه ] ينظر: مفتاح العلوم، ص 176.[ .

وَ قَسّمَ الأُولَی ]يهعنی: الإستعارة المصرح بها.[ إِلَی: (تَحْقِيقيّة)، وَ فَسَّرَهَا: بِأَنْ يَكُونَ المُشَبّهُ مُتحقّقاً حِسّاً، أَوْ عَقْلاً ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 176.[ ، و: (تَخْييليَّة)، و فَسَّرَهَا: بِمَا لا تَحَقُّقَ لِمَعْنَاهَا أَصْلاً؛ بِأَنْ يَكُوْنَ ]يعنی: المشبّه.[ صُورةً وَهْمِيَّةً مَحْضَةً ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 176.[، فَيرجِعُ (المُرَشَّحَةَ) إِلَيْهَا، كَمَا يُرجِعُ (التّبَعِيَّةَ) إلی الثّانِيَةِ ]قال السّكّاكی فی آخر فصل الإستعارة التّبعية: «هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب فی هذا الفصل ولو أنهم جعلوا قسم الإستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية..، لكان أقرب إلی الضّبط فتدبّر»، مفتاح العلوم، ص 181.[، وَ عَلَی هَذَا فَلا مُلازَمةٌ ]إستنتاج المؤلّف هذا من قول القزوينی ردّاً علی السّكّاكی فی التّقسيم المتقدّم، قال: «و فيه نظر، لأنّ التّبعية التّی جعلها قرينة لقرينتها التی جعلها إستعارة بالكناية كـ”نطقت” فی قولنا :”نطقت الحال بكذا” لايجوز أن يقدرها حقيقة حِيْنَئِذٍ؛ لأنّه لو قدّرها حقيقة لم تكن استعارة تخييلية؛ لأن الاستعارة التّخييليّة عنده مجاز كما مرّ، و لو لم تكن تخييليّة لم تكن الإستعارة مستلزمة للتخييلية، و اللازم باطل بالإتفاق؛ فيتعّين أن يقدّرها مجازاً؛ و إذا قدّرها مجازاً لزمه أن يقدّرها من قبيل الإستعارة لكون العلاقة بين المعنيين هی المشابهة؛ فلا يكون ما ذهب إليه مغنياً عن قسمة الإستعارة إلی أصليّة و تبعيّة، ولكن يستفاد مما ذكر ردّ التّركيب فی التّبعية إلی تركيب الإستعارة الكناية علی ما فسرناها، و تصيّر التبعية حقيقية و إستعارة تخييلية؛ لما سبق أنّ التخييلية علی ما فسّرناها حقيقة لا مجاز». الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 316.[ بَينَ: (المُكَنَّی عَنْهَا)، وَ (التّخْييلِيّةِ).

ثمّ الطّرفانِ ]أی: المستعار له و المستعار منه.[ إمّا: حِسّيّان، أَوْ عَقْليّانِ، أَوْ مَخْتَلِفَانِ.

وَ الجَامِعُ فِی الأوّلِ، وَالأَخِيْرِ لاَيَكونُ إلّا عَقليّاً كَمَا تَقَدّم، فَيَحْصُل أَقْسَامٌ سِتّةٌ أَيْضَاً. وَتَفْصِيْلُ الأَمْثِلَةِ ]ينظر: فی الأمثلة و تفصيلها، نهاية الإيجاز، ص 133؛ مفتاح العلوم، ص 183؛ الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 295؛ الطِّراز، ص 102 و بعدها؛ المطوّل، ص 591.[ لاَيَلِيْقُ بِهَذَا المُخْتَصَرِ.

وَ كلّ مَا جَازَتْ فِيْهِ الاِسْتِعَارةُ جَازَ فِيْهِ التّشبيهُ، وَ لا عَكْسٌ؛ لِجَوَازِ خَفَآءِ وَجهِ الشّبهِ فِيْهِ دُونَهَا.

نَعَمْ، إِذَا قَوِی الشّبهُ بَينَ الطّرَفينِ تَعَيَّنتْ، وَلَمْيَحْسُنِ التّشْبِيْهُ؛ حَذَرَاً مِنْ تَشْبِيهِ الشّيءِ بِمَا هُو كَنَفْسِهِ، وَ مَا يَشمُّ مِنْهُ رَائِحَةَ التّشبيهِ فِی اللَفْظِ//، فَلَيْسَ مِنْ قَبِيْلِ الاسْتِعَارَةِ عَلَی مَا قِيْلَ ]قال القزوينی فی فصل محاسن الإستعارة: «إنّ لحسنها (يعنی الإستعارة) شروطاً إن لمتصادفها عريت عن الحسن، و ربّما تكتسب قبحاً و هی فی كلّ من التّحقيق والتمثيل رعاية ما سبق ذكره من جهات حسن التشبيه، و أن لا يشمّ من جهة اللفظ رائحته؛ و لذلك يوصی فيه أنيكون الشّبه بين طرفيها جلّياً بنفسه، أو عرف، أو غيره؛ و إلّا صار تعمية و ألغازاً لا إستعارة  و تمثيلاً..»، ثم قال: «إذا قوِی الشّبه بين الطّرفين بحيث صار الفرع كأنّه الأصل لم يحسنِ التشبيه، و تعيّنت الإستعارة…، و كذا المكنّی عنها حسنها برعاية جهات حسن التّشبيه، و أمّا التخييليّة، فحسنها بحسب حسن المكنّی عنها؛ لما بيّنّا أنّها لاتكون إلا تابعة لها». الإيضاح فی لوم البلاغة، ج 2، ص 317. و مفتاح العلوم، ص 183.[، فَلْيُتَدَبّرْ!.

المَطلبُ الرَّابعُ

فِی الكِنَايَة ]ينظر في: دلائل الإعجاز، الجرجاني، ص 236؛ و نهاية الإيجاز، ص 135؛ و مفتاح العلوم،ص 189؛ و أصول البلاغة، ص 73؛ و حسن التّوسّل فی صناعة التّرسّل، ص 140؛ و الإيضاح فی علوم البلاغة، ج 2، ص 318؛ و الطِّراز، ص 172؛ و المطوّل، ص 630؛ و الإتقان فی علوم القُرآن، السيوطي، 3، ص 104؛ و شرح البابرتي، ص 599، و شروح التّلخيص، ج 4، ص 237.[

 وَ هُوَ اللفظُ المُرادُ بهِ لازِمٌ مِن لَوَازِمِ مَعْنَاهُ، المَوضُوع لَهُ، مَعَ جَوَازِ إِرَادَةِ نَفْسِ هَذَا المَعْنَی مَعَ اللازمِ أَيْضَاً. وَ بِذَلِکَ ظَهَرَ الفَرْقُ بَيْنَهَا، وَ بَيْنَ المَجَازِ؛ لِشَرْطِهِم فِيْهِ قَرِينَةً مَانِعَةً عَنْ إِرَادَةِ المَعْنَی الحَقِيْقِی دُونَهَا.

وَ قَدْ يُفْرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأنّ الانتقالَ، فِيْهَا مِنَ اللازِمِ إِلَی المَلْزُومِ دُونَهُ، فإنّهُ بِالعَكْسِ، وَفِيْهِ نَظَرٌ ]قال القزويني: «فالفرق بينهما و بين المجاز من هذا الوجه، أی من جهة إرادة المعنی مع إرادة لازمة، فإن المجاز ينافی ذلك فلا يصحّ فی نحو قولك: «فی الحمّام أسد»، أن تريد معنی الأسد من غير تأوّلٍ؛ لأنّ المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة، كما عرفت، و ملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشيء. و فرق السكاكی و غيره بينهما بوجه آخر أيضاً، و هو أن مبنی الكناية علی الانتقال من اللازم إلی الملزوم، و مبنی المجاز علی الانتقال من الملزوم إلی اللازم، و فيه نظر؛ لأنّ اللازم ما لم يكن ملزوماً يمتنع أن ينتقل منه إلی الملزوم، فيكون الإنتقال حِيْنَئِذٍ من الملزوم إلی اللازم، ولو قيل للزوم من الطرفين من خواص الكناية دون المجاز، أو شرط لها دونه، إن دفع هذا الإعتراض، لكن إتجه منع الإختصاص والإشتراط». الإيضاح فی علوم البلاغة،ج 2، ص 319. و ينظر: مفتاح العلوم، ص 190.[.

وَلَو قِيْلَ: بِأنَّهَا، أَيْضَاً، مِنْ أَقْسَامِ المَجَازِ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ]فی ردّ المصطلحات إلی بعض، و عدم التّشقيق فيما لیس من تحته طائل.[ ، كَمَا لايخْفَی، وَلَكِنَّ ظَاهِرَهُم ]الضمير يعود علی جمهور البلاغيين، و محقّقيهم.[ حَيْثُ جَعَلُوهَا قَسِيْمَاً لِلحَقِيْقَةِ، وَالمَجَازِ ـ أنّهَا لَيْسَتْ مِن قَبِيْلِهِمَا، وَ لِبَعْضِ الأُصُوليّينَ ]فی هامش الأصل بخطّ المؤلف: صاحب الفصول (منه) يقصد: الشّيخ محمد حسين بن عبدالله الأصفهانی الحائري، صاحب كتاب (الفصول الغروية فی المسائل الفقهية)، ينظر: ترجمته فی تراجم الرّجال، السّيد أحمد الحسيني، ج 2، ص 667؛ الكنی والألقاب، الشيخ عباس القمي، ج 2، ص 7.[ ـ هُنا ـ تَحْقِيْقٌ آخَرُ ]قال الشّيخ محمد حسين الحائري: «إعلم أنّ محقّقی علماء البيان جعلوا الكناية قسيماً للحقيقة والمجاز، و عرفوها: بلفظ أُرِيدَ به لازم معناه مع جواز إرادته معه، فأخرجوها عن حدّالحقيقة؛ لكونها مستعملةً فی غير ما وضعت لهُ، و عن حدّ المجاز؛ لإعتبارهم فيه الإقترانَ بالقرينة المانعة عن إرادة ما وضعت له و عدمه فيها، فالمراد بـ(طويل النجاد و كثير الرماد) طويل القامة والجواد مع جواز إرادة معناهما الأصلی أيضاً، و وجّهه التفازانی بأنّ المراد جوازه من حيث كونه كناية و إن امتنع من حيث خصوص المادة كما فی قوله تعالی: (ليس كمثله شیء)، سورة الشوری، الآية 11، إذا جعلناه كناية من قبيل قولهم: (مثلك لايبخل عليّ)، ما صرّح به صاحب الكشّاف، و أيضاً كثيراً ما تخلو الكناية عن إرادة المعنی الحقيقی كما يقال: (فلان كثير الرماد و جبان الكلب)، و إن لم يكن له رماد و لا كلب، و إعترض بذلك علی السّكاكی حيث جعل المراد فی الكناية معنی اللفظ مع لازمه.

أقول: والتّحقيق أن الكناية تقع علی أنحاء:

 الأول أن يستعمل اللفظ فی الملزوم؛ لينتقل منه إلی اللازم أو اللفظ المستعمل كذلك فإن كان الملزوم معنی حقيقياً للفظ كان إستعماله حقيقة و إن كان معنی مجازياً كان مجازاً. فقولنا: (زيد كثير الرماد) جملة خبرية إن استعملت فی معناها الحقيقی بأن قُصد بها الإخبار عن كثرة الرماد حقيقة؛ لينتقل منه إلی لازم معناه؛ أعني: كونه جواداً، كان اللفظ لامحالة لأنه لم يستعمل حِيْنَئِذٍ إلا فيما وضع له. و قُصد الإنتقال منه إلی لازمه غير مخلّ بذلك، و إن استعملت فی صورة معناها بأن قصد بها صورة الإخبار عن كثرة رماده؛ لينتقل منه إلی لازمه لزم التجوّز فی الإسناد؛ لأنه لميوضع لصورة الإخبار، بل لحقيقته، فيكون اللفظ باعتباره مجازاً، و علی التقديرين تكون الكناية فی المركّب، و يمكن أن يجعل المحمول حقيقة فی المثال المذكور هو الجواد المدلول عليه بذكر ملزومه، و لفظ كثير الرماد، و إن كان محمولاً عليه بحسب الظّاهر لكن إنّما جيء به؛ لينتقل منه إلی المحمول الحقيقی أعني: الجواد، فيحمل عليه، فتكون الكناية فی المفرد؛ أعنی: المحمول، و علی التقادير يكون اللفظ مستعملاً فی الملزوم للانتقال إلی اللازم فكلّ منهما مراد منه لكن أحدهما بلا واسطة والآخر بواسطة. و أمّا لو استعمل كثير الرّماد فی الجواد نظراً إلی علاقة اللزوم كان مجازاً مرسلاً قطعاً كما مرّ.

الثاني: أن يستعمل اللفظ فی لازم معناه بقرينة خفية و أمّارة ضعيفة فی موارد يتسامح فيها فی الدّلالة، و يكتفی فيها بمجرد الإيهام والإشارة حتی أنّ المستعمل حِيْنَئِذٍ قد تدعوه الحاجة إلی الإنكار، فينكر إرادة اللازم، و يمنع السّامع من التسامح فی تنزيل كلامه و لو ]فسّرت[ الكناية بهذا الوجه أمكن الفرق بينها و بين المجاز بحسب الإصطلاح بإشتراط الصراحة فی قرينته، أو الظهور المعتدّ به، و يصحّ تثليث الأقسام بالنسبة إلی علم البيان، لتعلق القصد فيه ببيان مطلق الدلالة و تثنيتها بالنسبة إلی هذا العلم إذ لا عبرة فی مقام الإستدلال بمثل تلك الدلالة.

 الثالث: أن يستعمل اللفظ فی معناه، أو فی لازمه مع نصب أمارة موجبة لتردّد السّامع بينهما؛ تنبيهاً علی أنّ إرادة كلّ منهما مناسب للمقام، و هذا فی غير المشترك إنّما يتمّ علی القول: بأن قرينة المجاز قد تكافؤ ظهور الحقيقة بحيث يحصل التّردّد بينهما كما ينبّه عليه مصير بعضهم إلی التّوقّف فی المجاز المشهور، و أمّا علی القول: بأنّ عدم ظهور المجاز يوجب ظهور الحقيقة فلم يتمّ ذلك.

الرّابع: أن يستعمل اللفظ فی أحد معانيهِ المتكافئة فی الظّهور حقيقيةً كانت أو مجازية أو مختلفة، و ينبه بقرينة خفيّة، يعوّل عليها فی مقام التّسامح؛ قصداً إلی التّمكّن من الإنكار مع الحاجة.

الخامس: أن يستعمل اللفظ و يراد به أحد معانيه الحقيقية أو المجازية و ينبّه بقرينة حالية أو مقالية علی أنّ المعنی الآخر أيضاً، مناسب للمقام، و هذا النّوع متداول فی الاستعمال…و أمّا ما ذكروه من أنّ لفظ الكناية مستعمل فی اللازم مع الملزوم أو مع جواز إرادته معه فمبنیّ علی القول بجواز استعمال اللفظ فی معنييه و هو باطل عندنا،.. و أمّا الفرق بينها و بين المجاز بوجود القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة فيه دونها فغير مستقيم؛ لأن القرائن الّتی توجد فی المجاز غالباً إنّما تساعد علی إرادته دون نفی إرادة الحقيقة ألا تری: أنهم يمثلون المجاز بنحو: رأيت أسداً يرمی أو فی الحمام، مع أنّ القرينة المذكورة لاتنافی إرادة الحقيقة أيضاً بدليل صحّة عطف قولنا: و يفترس، علی الأوّل..». الفصول الغروية فی الأصول الفقيهة، ص 76، 79. و ينظر: الكشّاف، ج 4، ص 206؛ و مفتاح العلوم، ص 190، 189؛ والإيضاح، ج 2، ص 319؛ و المطوّل، ص630.[، وَ تَفْصِيْلٌ لايَلِيْقُ بِهَذَا المُخْتَصَرِ.

 والمَطْلُوبُ بِالكِنَايَةِ ]تقسيم للكناية بحسب الغرض المؤدّی بها، والذی تشير إليه.[ إمّا: صِفَةٌ مِنَ الصّفاتِ الحَسَنَةِ، أَوِ الرَّذِيْلَةِ، وَ إمّا: نِسْبَةٌ ]أي: إثبات أمر لآخر و نسبته إليه إثباتاً أو نفياً.[ مِنَ النّسبِ الثُّبُوتِيَّةِ، أَوِ السَّلْبِيَّةِ. وَ إمّا: أَمْرٌ غيرُهُمَا ]و هو الکناية عن الموصوف.[. وَالانْتِقَالُ فِی الأوّلِ ]أی: فی الکناية عن الصفة.[ إِلَی الصِّفَةِ إِنْ كَانَ بِلا وَاسِطَةٍ، فـَ(الكِنَايةُ قَرِيْبَةٌ)، وَ إلّا فـَ(بَعِيْدَةٌ). وَ (القريبة)، إنْ سَهُلَ الانْتِقَالُ فِيْهَا، فـَ(وَاضِحَةٌ)، وَ إلّا فـَ(خَفِيَّةٌ)، وَ اللازِمُ فِی الثَّالِثِ ]فی القسم الخاص بالکناية عن الموصوف.[: إمّا خَاصّة: مُفْرَدَةٌ، أو مركّبةٌ، وَ إلّا لَمْيَحْصُلِ الانْتِقَالُ المَطْلُوبُ.

والمَوصُوفُ فِی الأوّلينِ ]فی القسمين: الکناية عن الصفة، و الکناية عن النسبة.[، قَدْ يَكُونُ مَذكُورَاً، وَقَدْ يَكُونُ مَطْويّاً عَنْهُ، إلّا مَعَ التّصْرِيْحِ بِإثْبَاتِ الصّفَةِ لِلْمَوصُوفِ، أَوْ نَفْيِهَا عَنْهُ، فَلا يَكُونُ إلّا مَذْكُورَاً.

وَ تُسَمَّی ]فی الأصل: (يسمی)، علی الرّغم من تأنيث الفاعل: (الكناية المسوقة). و كذا أنسب.[ (الكِنَايَةُ المَسُوقَةُ)؛ لأَجْلِ مَوصُوفٍ غَيرِ مَذْكُورٍ بـِ(التّعْرِيْضِ)، وَ إنْ لَمْتَكُنْ ]فی الأصل: (يكن)، علی خلاف السّياق الذی وردت فيه مع مقتضاه، و كذا أنسب.[ مَسُوْقَةً لِذَلِكَ ]هذا تقسيم للكناية بحسب الوسائط، والسياق علی أربعة أقسام: تعريض، و تلويح، و رمز، و إشارة.[، فَإِنْ قَلّتَ الوَسَائِطُ مُوجِبَةٌ للانْتِقَالِ، وَلَمْ يَكُنْ خَفَاءٌ فِی اللُزُومِ، فَبـِ(الإِيْمَاءِ)، وَ (الإشَارَةِ)، وَ مَعَ الخَفَاءِ، فَبـِ(الرَّمْزِ)، وَ إنْ كثُرتْ ]أي: الوسائِط.[، فِبـِ(التّلْويحِ).

وَ قَدْ تَكُونُ (الكِنَايَةُ سَاذِجَةً): بَأَنْ لاَيَشُوبَهَا شَيءٌ مِنَ التّصريحِ بِالمَطلوبِ، وَ قَدْ تَكُونُ (غَيرَ سَاذجةٍ)، كَمَا فِي: (طَوِيْلِ النِجَادِ ]النِجَاد: بكسر النون: هو حمائل السّيف يكنّی بها عن طويل القامة. ينظر: مجمع البحرين، ج4، ص 270.[)، إِذْ أَصْلُهُ: (طَويلٌ نِجَادُهُ)، فَأُضِيْفَ الوصفُ ]صيغة مبالغة اسم الفاعل (طويل).[ بعد تحويل إسناده عن الفاعل إلی الضّمير الرّاجع إلی الموصوف ]الذی هو: النِجاد.[؛ و لذا يَجِبُ المطابقةُ بَيْنَهُمَا ]بين المضاف والمضاف إليه مراعاة لقواعد اللغة، و منطقها النحوي.[. قِيْلَ: وَ عَلَی هَذَا فَلا كِنَاية ]ينظر: حاشية الدسوقی علی شرح تلخيص المفتاح (فمن شروح التّلخيص)، ج 4، ص253.[.

قُلْتُ: هَذَا بِحَسَبِ اللفظِ، ولَكِنَّ الصّفةَ للمضافِ إليهِ بِحَسَبِ المَعْنَی، وَالنّظرُ ـ هُنَا ـ فِی المَعْنَی دُوْنَ اللفْظِ كَمَا لايخْفَی ]أجد لهذا الرّأی سابقة عند شرّاح التّلخيص كالتفتازانی فی المطوّل، ص 633؛ و أبی يعقوب المغربی فی مواهب الفتاح فی شرح تلخيص المفتاح (ضمن شروح التّلخيص)، ج 4، ص 253. قال التفتازانی فی محاورة جدل لبيان ذلك، قال: «فإنْ قلت: إذا أسند الصفة إلی الضمير الموصوف، فلِمَ زعمتَ أنّها كناية مشوبة بالتصريح، و هلّا كانت تصريحاً كما فی قوله تعالی: (حَتَّی يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) سورة البقرة، الآية 187. و نحو ذلك ممّا يشتمل علی إشارة ذكر أحد الطرفين جعل تشبيهاً لا إستعارة مشوبة بالتشبيه. قلت: للقطع بأنها فی المعنی صفة للمضاف إليه، و إعتبار الضمير العائد إلی المسبب إنّما هو لمجرد أمر لفظي، و هو إمتناع خلو الصفة عن معمول مرفوع بها». المطوّل، ص 633.[.

  و اعلم أنّ المَجَازَ أَبْلَغُ مِنَ الحَقِيْقَةِ، وَ كَذَلِکَ الكِنَايةَ مِنَ التّصْرِيحِ، والاسْتِعَارَةَ من التّشْبِيهِ. وادّعَی السَّكّاكِی عَلَی ذَلِکَ كُلّهِ إطْبَاقَهُم ]قال السّكّاكي: «إعلم أنّ أربابَ البلاغة و أصحاب الصياغة للمعانی مطبقون علی أنّ المجاز أبلغُ من الحقيقة، و أنّ الاستعارة أقوی من التّصريح بالتشبيه، و أنّ الكناية أوقع من الإفصاح بالذّكر..» مفتاح العلوم، ص 194.[، وَاسْتَدَلّ عَلَيهِ مُضَافَاً إِلَی ذَلِکَ، بِأَنَّ الاِنْتِقَالَ مِنَ المَلْزُومِ إِلَی الّلازِمِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَی الشَّيءِ بِبَيّنَةٍ وَ بُرْهَانٍ ]ينظر: مفتاح العلوم، ص 194 ـ 195.[، فَقوْلُکَ: (فُلانٌ طويلٌ نِجَادُهُ)، مَعْنَاهُ: // طَويلٌ لِطُولِ نِجَادِهِ، فَلْيُتَدَبَّرْ!.

وَلْيَكُن هذا آخِرُ مَا قصَدْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الوَجِيْزَةِ المَوسُومَةِ بـ(نُخبة التِّبيان فِی عِلْمِ البَيَانِ). وَ قَد ألّفْتُهَا فِی بَعْضٍ مِن يَومٍ، وَ قَليلٍ مِنَ الزّمانِ، وَ أنَا العَبدُ الواثقُ باللهِ الصَّمَدِ (حبيبُ الله بن علی مَدَد)، فِی يَومِ الخَمِيْسِ، مِن ذِی الحَجَّةِ الحَرامِ، فِی 1284 هـ ، بَلَدِةِ كلبايكَان.

وَ قَدْ وَقَعَ الفَرَاغُ مِنْ تَحْرِيرِ هَذِهِ النُّسْخَةِ الشّريفِة عَلَی يدِ العَاصِی الحَقِيْرِ حَسَن الشَّرِيْف بن عَلی الكَاشَانِي، فِی 1309 هـ، بَلْدَةِ كَاشَانِ ](كاشان) بالشين المعجمة و آخره نون: مدينة بما وراء النّهر علی بابها وادی أخسيكث، معجم البلدان، الحموي، ج 4، ص 430.[.

مصادر التحقيق و مراجعه:

ـ القرآن الكريم

1ـ الإتقان فی علوم القرآن، السّيوطی (جلال‌الدّين عبدالرحمن الشّافعيّ، ت 911 هـ)، حقق أصوله، و وثق نصوصه، طه عبد رؤوف سعد، المكتبة التوفيقية، مصر، (د.ت).

2ـ أسرار البلاغة، الجرجاني، عبدالقاهر الجرجانی (أبوبكر بن عبدالرّحمن، ت 474 هـ)، تحقيق: السّيّد مُحَمّد رشيد رضا، دار المعرفة للطباعة والنّشر، بيروت ـ لبنان، 1398 هـ ـ 1978 م.

3ـ أسرار العربيّة؛ أبو بركات الأنباري؛ (عبدالرّحمن مُحَمّد بن أبی سعيد، ت 577 هـ)، تحقيق: مُحَمّد بهجت البيطار، مطبعة التّرقيّ، دمشق، 1377 هـ ـ 1957 م.

4ـ أصول البلاغة، ابن ميثم البحرانی (كمال‌الدين ميثم بن عليّ، ت 679 هـ)، تحقيق: د. عبدالقادر حسين، ط: 1، دار الثّقافة للنّشر والتّوزيع، الدّوحة، قطر 1406 هـ ـ 1989م.

5ـ أعيان الشّيعة، السّيّد محسن الأمين العاملي، تحقيق و تخريج: حسن الأمين: دارالتّعارف للمطبوعات، بيروت 1403 هـ ـ 1983 م.

6ـ الأعلام، (تراجم)؛ خيرالدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 1984 م.

7ـ الإيضاح فی شرح المفصّل (المفصّل للزّمخشريّ)، إبن الحاجب (أبو عمرو عثمان بن عمر) (570 ـ 646 هـ)، تحقيق: موسی بنّای العليليّ، إحياء التُراث الإسلاميّ، مطبعة العانيّ، بغداد، 1402 هـ ـ 1982 م.

8ـ الإيضاح فی علوم البلاغة، الخطيب القزوينی (مُحَمّد بن عبدالرحمن (666ـ739 هـ)، تحقيق و تعليق: لجنة من أساتذة كلّيّة اللّغة العربيّة بالجامع الأزهر، مطبعة السّنّة الُمحَمّديّة، القاهرة (د.ت).

9ـ بغية الوعاة فی طبقات اللّغويين والنّحاة، السّيوطی (جلال‌الدين عبدالرحمن، ت 911 هـ)، تحقيق: مُحَمّد عبدالرحيم، ط: 1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1426 هـ ـ 2005 م.

10ـ تراجم الرّجال، السّيد أحمد الحسيني، مطبعة الصدر، قم، مكتبة آية‌الله العظمی المرعشی النجفي، قم، 1414 هـ .

11ـ تلخيص المفتاح، أبو زكريا القزوينی (ت 739 هـ)؛ (ضمن شروح التلخيص)، مطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

12ـ حاشية الدسوقی علی شرح مختصر البلاغة، للتّفتازانيّ، (ضمن شروح التّلخيص)، الدسوقي، مطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

13ـ حاشية الصّبان علی شرح الأشمونی علی ألفية إبن مالک، الصّبان (مُحَمّد بن عليّ، ت 1205 هـ)، تحقيق: مُحَمّد بن الجميل، ط: 1، مكتبة الصفا، القاهرة، 1423 هـ ـ 2002 م.

14ـ حسن التّوسل إلی صناعة التَّرسل، شهاب‌الدين الحلبی (أبو الثناء شهاب‌الدين محمود بن سلمان، ت 725 هـ)، تحقيق و دراسة: أكرم عثمان يوسف، دار الرشيد للنشر، وزارة الثقافة والإعلام، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1980 م.

15ـ الدّرر الكامنة فی أعيان المائة الثامنة، ابن حجر العسقلانی (شهاب‌الدين أحمد بن علی ت 452 هـ)، دار الكتب الحديثة، مصر، (د.ت).

16ـ الدّرة الفاخرة منظومة فی علم دراية الحديث، نظم ملا حبيب‌الله بن علی مدد الكاشانی (ت 1340 هـ)؛ إعداد و تحقيق: السيّد مُحَمّد تقی الحسيني، طهران، (د.ت).

17ـ دلائل الإعجاز فی علم المعاني، عبدالقاهر الجرجانی (أبوبكر بن عبدالرحمن، ت 474 هـ)، تحقيق: السّيّد مُحَمّد رشيد رضا، دار المعرفة للطباعة والنّشر، بيروت ـ لبنان، 1402 هـ ـ 1981 م.

18ـ ذريعة الإستغناء فی تحقيق مسألة الغناء؛ آية‌الله العلامة الملا حبيب‌الله الشريف الكاشانی (ت 1340 هـ)؛ تحقيق: جامعة كاشان و مركز إحياء آثار الملا حبيب‌الله الشريف الكاشاني؛ قم المقدسة، إيران، 1471 هـ ـ 1996 م.

19ـ الذّريعة إلی تصانيف الشّيعة، مُحَمّد محسن آغابزرك الطهرانی (ت 1389 هـ)، ط 1، دارالأضواء بيروت، 1403 هـ ـ 1983 م.

20ـ شذرات الذّهب فی أخبار من ذهب، ابن عماد الحنبلی (أبی الفلاح عبدالحي، ت 1089 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت).

21ـ شرح ابن النّاظم علی ألفية إبن مالك، إبن النّاظم (أبو عبدالله بدر الدين مُحَمّد بن مُحَمّد بن مالك، ت 686 هـ)، تح: مُحَمّد باسل عيون السود، ط: 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1420 هـ ـ 2000 م.

22ـ شرح التّسهيل، إبن مالك (أبو عبدالله مُحَمّد جمال‌الدين، ت 672 هـ)، تحقيق: عبدالرحمن السّيّد، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 2005 م.

23ـ شرح التّلخيص للقزوينيّ، البابرتی (أكمل الدين مُحَمّد بن مُحَمّد بن محمود بن أحمد، ت 786 هـ)، دراسة و تحقيق: د. مُحَمّد مصطفی رمضان صوفيه، ط 1، المنشأة العامّة للنّشر والتّوزيع والإعلان، طرابلس، الجماهيريّة العربيّة الّليبيّة الشّعبيّة الإشتراكيّة، 1392 هـ ـ 1983م.

24ـ شرح المختصر لسعدالدين التفتازانی (ت 791 هـ)، علی تلخيص المفتاح للخطيب القزويني، (ت 739 هـ)، فی المعاني، والبيان، والبديع؛ (ضمن شروح التلخيص): مطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

25ـ شرح المفصّل للزمخشری (ت 538 هـ)، ابن يعيش (أبو البقاء موفق‌الدين بن عليّ، ت 643 هـ) عالم الكُتُب، بيروت، (د.ت).

26ـ شروح التّلخيص، مجموعة من الشّروح علی تلخيص المفتاح، للخطيب القزويني، ت 739 هـ، طُبِع بمطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

27ـ الصّحاح، تاج الّلغة و صحاح العربيّة، الجوهری (أبو نصر إسماعيل بن حمّاد، ت 395 هـ)، تحقيق: أميل يعقوب، منشورات مُحَمّد علی بيضون، ط: 1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1999 م.

28ـ صحيح البخاري، البخاری (ت 256 هـ) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

29ـ طبقات أعلام الشيعة؛ الشيخ آغا بزرك الطهراني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1391 هـ.

30ـ الطّراز المتضمن لأسرار البلاغة و علوم حقائق الإعجاز، إبن حمزة العلوی اليمنی (يحيی بن حمزة بن علی بن إبراهيم، ت 749 هـ)، مراجعة و ضبط و تدقيق: مُحَمّد عبدالسلام شاهين، ط: 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1415 هـ ـ 1995 م.

31ـ عروس الأفراح بهاء الدّين السبكي؛ (ضمن شروح التلخيص): مطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

32ـ العقد المنير (تراجم)، السّيّد موسی الحسينی المازندراني؛ المطبعة الإسلامية، مكتبة الصدوق، طهران، 1382 هـ .

33ـ الفصول الغروية فی الأصول الفقهية؛ الشيخ مُحَمّد حسين بن عبدالرحيم الطهرانی الحائری (ت 1250 هـ) دار إحياء العلوم الإسلامية، قم ـ ايران، 1404.

34ـ القاموس المحيط، الفيروز آبادی (مجدالدّين مُحَمّد بن يعقوب الشّافعي، ت 817 هـ)، ط : 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1420 هـ ـ 1999 م.

35ـ كتاب حروف المعاني، الزجاجی (أبوالقاسم عبدالرحمن بن إسحاق الزجاجی 340 هـ)، تح: د. علی توفيق الحمد، ط: 1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1984 م.

36ـ كتاب الموطأ، الإمام مالك بن انس ت 179 هـ، تحقيق: مُحَمّد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، 1985 م.

37ـ كشف الظّنون، حاجی خليفة (مصطفی بن عبدالله ت 1017 هـ)، دار كتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1992.

38ـ الكّشاف عن حقائق غوامض التنزيل فی وجوه التأويل، الزّمخشری (جار الله محمود بن عمر ت 538 هـ)؛ منشورات مُحَمّد علی بيضون، ط: 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1415 هـ ـ 1995 م.

39ـ الكنی والألقاب، الشيخ عباس القمي، مكتبة الصدر، طهران. (د،ت)

40ـ لباب الألقاب فی ألقاب الأطياب؛ الملا حبيب الله علی بن مدد الكاشانی (ت 1340 هـ)، مطبعة المصطفوي، إيران، 1378 هـ.

41ـ لسان العرب (معجم)، ابن منظور (أبوالفضل جمال الدّين مُحَمّد بن مكرم، ت 711 هـ)، دار صادر بيروت ـ لبنان، (د، ت).

42ـ المجازات النّبوية؛ الشّريف الرّضی ت 406 هـ)، تحقيق و شرح: طه مُحَمّد الزيتي، منشورات مكتبة بصيرتي، قم.

43ـ مجلة (نور علم)، الفارسية، مقدمة العلامة المحقق الأُستادی، العدد: (54)، قم، سنة 1413هـ.

44ـ مجمع البحرين، فخرالدّين الطّريحی ت 1085 هـ، تح السيد أحمد الحسيني، ط: 2، مكتب النشر الثقافة الاسلامية، 1408 هـ .

45ـ المخطوطات العربيّة فی مركز إحياء التراث الإسلامی، تأليف السيد أحمد الحسيني، ط 1، سرور، 1424 هـ .

46ـ مرثية الإمام الحسين (عليه‌السلام)؛ نظم ملا حبيب الله الكاشاني؛ تحقيق: فارس حسون؛ مجلة تراثنا، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث، العدد: الأول: (61)، السنة السّادسة عشرة، محرم، 1421 هـ .

47ـ مصفی المقال؛ للشيخ آغا بزرك الطهرانی المطبعة الحكومية ـ إيران/ 1378 هـ .

48ـ المطول، شرح تلخيص المفتاح، التفتازانی (سعد الدين مسعود بن عمر ت 792 هـ)، تح: عبدالحسين الهنداوي، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 2001 م.

49ـ معانی القران و إعرابه؛ الزّجّاجی (أبو إسحاق إبراهيم بن السری ت 311 هـ)، شرح تحقيق: د. عبدالجليل عبده شلبي، دار الحديث، القاهرة، 1424 هـ ـ 204 م.

50ـ معاهد التّنصيص علی شواهد التّلخيص، العباسی (عبدالرحمن بن أحمد، ت 963 هـ)، تح: مُحَمّد محيی الدّين عبدالحميد، عالم الكُتُب، بيروت ـ لبنان، 1367 هـ ـ 1947 م.

51ـ معجم الأدباء؛ ياقوت الحموي، مراجعة وارة المعارف العمومية، دار مأمون، (د.ت).

52ـ معجم البلدان؛ أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموی (ت 626 هـ)، دار الفكر، بيروت.

53ـ معجم الشّعراء؛ المرزبانی (أبو عبيدالله مُحَمّد بن عمران ت 384 هـ)، صححه و علق عليه الأستاذ الدكتور: ف. كرنكو، ط: 1، دار الجيل، بيروت ـ لبنان، 1991 م.

54ـ معجم المؤلفين؛ عمر رضا كحالة، دار إحياء التّراث العربي، بيروت، (د، ت).

55ـ مغنی الّلبيب عن كُتُب الأعاريب، إبن هشام الأنصاری (أبو مُحَمّد عبدالله جمال‌الدّين بن يوسف، ت 761 هـ)، تحقيق و تعليق: د. مازن المبارك، د. مُحَمّد علی حمدالله، ط: 1، مؤسسة الصّادق، تهران.

56ـ مفتاح السّعادة؛ طاش كبری زادة؛ تح: كامل بكری و عبدالوهاب أبو النور، مطبعة الإستقلال، مصر، 1968 م.

57ـ مفتاح العلوم، السّكاكی (أبويعقوب يوسف بن أبی بكر، ت 626 هـ)، ط 1، مطبعة مصطفی البابی الحلبی و أولاده بمصر، 1356 هـ ـ 1937 م.

58ـ مفردات ألفاظ القرآن، العلامة الرّاغب الأصفهانی المتوفی فی حدود 425 هـ ، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، دار الشامية، بيروت، ط 4، 1425 هـ .

59ـ مواهب الفتاح فی شرح تلخيص المفتاح، أبو يعقوب المغربي؛ (ضمن شروح التلخيص): مطبعة عيسی البابی الحلبی و شركاؤه بمصر، (د.ت).

60ـ النجوم الزاهرة فی ملوك مصر و القاهرة، ابن تغری بردی (جمال‌الدين أبو المحاسن يوسف)، دار الكتب، المؤسسة المصرية للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، 1950 م.

61ـ نهاية الأرب فی فنون الأدب، النويری (شهاب‌الدين أحمد بن عبدالوهاب ت 733 هـ)، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية للتأليف و الترجمة والطباعة والنشر.

62ـ نهاية الإيجاز فی دراية الإعجاز، فخرالدّين الرازيّ، (ت 606 هـ)، تح: د. مُحَمّد بركات حمدی أبوعليّ، و: د. إبراهيم السّامرآئيّ، دار الفكر للنّشر و التّوزيع، الأردن، 1985 م.

63ـ همع الهوامع فی شرح جمع الجوامع، السّيوطی (جلال‌الدين عبدالرحمن بن أبی بكر، ت 911 هـ)، تحقيق: عبدالحميد الهنداوي، المكتبة التوفيقية، مصر، القاهرة(د، ت).

دیدگاه‌ خود را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

اسکرول به بالا